بين ترمب وبايدن .. قطاع الطاقة تحت المجهر «1»

بعد أن اتضحت للعالم نتائج الانتخابات الأمريكية التي انطلقت في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي بصورة جلية، فإن نتائج هذه الانتخابات لها انعكاسات كثيرة ليست حكرا على تحديد السياستين الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وإنما لها انعكاسات على أصعدة مختلفة، منها الصعيد الاقتصادي، وقطاع الطاقة بلا شك من أهم الملفات المؤثرة في المستوى الداخلي للولايات المتحدة، وأيضا على المستوى العالمي. وقد كان التنافس حامي الوطيس بين دونالد ترمب الرئيس الجمهوري، وجو بايدن منافسه الديمقراطي، والمتابع للقضايا الجوهرية التي يتبناها المرشحان يجد أن قضايا الطاقة وملفاتها على رأس قائمة اهتمامهما، وأرباب الصناعات المتعلقة بها والمهتمون بهذا القطاع يتابعون نتائج هذه الانتخابات ويدرسون كيفية التعاطي مع الواقع الجديد الذي سيمتد لأربعة أعوام مقبلة كأقل تقدير. يسعى ترمب إلى إتمام ما بدأه في ولايته الرئاسية الأولى، ومنها تحفيز قطاع الطاقة المحلي وتذليل العقبات التنظيمية المعيقة للإنتاج المحلي في مجال الطاقة، حيث أعلن قبيل تنصيبه رئيسا في عام 2016 أن الهيمنة في مجال الطاقة هدف استراتيجي، ووفقا لمعهد بروكينجز للدراسات الاستراتيجية، تبنت إدارة ترمب 74 إجراء تحرريا أضعف سياسات حماية البيئة منذ عام 2017. عند وصول ترمب إلى البيت الأبيض تحرك بقوة لتحفيز إنتاج النفط الصخري الأمريكي الذي بلغ إنتاجه نحو 13 مليون برميل في اليوم في نهاية عام 2019 وارتفع بصورة قوية خلال آخر أربعة أعوام. الرئيس ترمب انسحب من اتفاقية باريس للمناخ عام 2017 وأعزى ذلك إلى أن هيمنة الطاقة لا تتوافق مع مكافحة الاحتباس الحراري ووصف التغير المناخي بأنه "خدعة باهظة الثمن"، وأن الولايات المتحدة ستركز بدلا من ذلك على مواجهة كل ما يضر بالاقتصاد الأمريكي ومصالح أمن الطاقة. ينظر منتجو النفط الصخري الأمريكي إلى أن إعادة انتخاب ترمب لولاية ثانية على أنها صمام أمان لهذه الصناعة التي تمر بأوقات صعبة جدا بسبب جائحة كورونا. في المقابل يتعاطى المرشح الديمقراطي بايدن مع ملفات قطاع الطاقة بصورة مختلفة تماما عن منافسه الجمهوري ترمب، حيث وعد بأن تشكل الصفقة الخضراء الجديدة التي تهدف إلى تحقيق صفر انبعاثات في موعد لا يتجاوز 2050، أما ماليا فقد وعد باستثمار 1.7 تريليون دولار في مشاريع تهدف إلى إزالة الكربون من الاقتصاد الأمريكي. ودعا إلى استثمارات ضخمة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وفرض معايير الكهرباء النظيفة. ووعد بثورة في السكك الحديدية بالاستثمار في القطارات عالية السرعة وجعلها بديلا عن الشاحنات في نقل البضائع. كما وعد بحظر إصدار تصاريح حفر جديدة على الأراضي وفي المياه الفيدرالية. وعد بايدن كذلك بالعودة إلى اتفاقية باريس للمناخ رغم أن نسبة الأمريكيين الذين يعتقدون أن تغير المناخ العالمي يمثل تهديدا رئيسا لرفاهية الولايات المتحدة زادت من 44 في المائة عام 2009 إلى 60 في المائة عام 2019 بحسب استطلاع الرأي الذي أجراه مركز بيو للأبحاث. في رأيي إن فوز بايدن بالانتخابات سيحفز صناعة الطاقة المتجددة في أمريكا وهذا ما يأمله أرباب هذه الصناعة، كما أن أرباب صناعة الوقود الأحفوري يأملون فوز ترمب، فهو الأثر المتوقع في منظومة الطاقة خارج حدود أمريكا في حال فوز أحدهما؟... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي