هل اكتسبت أسواق النفط مناعة من كورونا؟
عند استشراف أسعار النفط، لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل جائحة كورونا كوفيد - 19 وانعكاسها السلبي الحاد على الاقتصاد العالمي، حيث إن أسواق النفط يجري عليها ما يجري على جميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى. جائحة كورونا تسببت في شلل اقتصادي، وإقفال جزئي أو كلي في جل دول العالم، خصوصا الدول المؤثرة اقتصاديا. أدت هذه الجائحة إلى تراجع الطلب على النفط في العام الجاري، حيث بلغ الانخفاض نحو تسعة ملايين برميل يوميا مقارنة بعام 2019، ما أدى إلى نزيف حاد في أسواق النفط وصلت الأسعار على أثره إلى مستويات تاريخية. توقعت "أوبك" في تقريرها الأخير أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى نحو 103.7 مليون برميل يوميا عام 2025، وعلى المديين المتوسط والبعيد تتوقع استمرار النمو بنسبة 0.9 في المائة سنويا حتى عام 2045. هذا التقرير في رأيي بني على دراسة استشرافية متفائلة عن تجاوز جائحة كورونا في المدى القصير بإيجاد لقاح مناسب له، وهذا التفاؤل في نظري منطقي بناء على مستجدات السباق العالمي في هذا المضمار وأخباره الإيجابية والمشجعة، لكن في المستقبل المباشر، هل تجاوزت أسواق النفط الأسوأ؟ وهل اكتسبت مناعة من جائحة كورونا قبل الوصول إلى لقاح يجعل هذه الجائحة من الماضي؟ وكيف ستتأثر أسواق النفط في حال تأخر التوصل إلى لقاح - لا قدر الله؟ هناك مخاوف تحيط بأسواق النفط عالميا من موجة ثانية من فيروس كورونا مع دخول فصل الشتاء، حيث سجل بعض دول أوروبا وأمريكا أرقاما قياسية في عدد الإصابات اليومية منذ ظهور الجائحة، هذا التطور واجهه بعض الدول بالعودة إلى الحظر الجزئي، وتعليق بعض الأنشطة التجارية ما سينعكس - إن طال أمدها وانتشرت رقعتها - على كمية الطلب على النفط وبالتالي أسعاره. مجموعة "أوبك+" بدأت فعليا في اتخاذ خطوات جادة لدعم أسواق النفط، وتعهدت قبيل أيام بالتحرك لتحقيق ذلك للحيلولة دون انهيار الأسعار أو انخفاضها بصورة قوية. تخفض المجموعة حاليا الإنتاج بمقدار 7.7 مليون برميل يوميا، مقارنة بما يقارب 9.7 مليون برميل يوميا في أيار (مايو) السابق. وفق الاتفاق المبرم بين أعضاء المجموعة، أن يتم تقليص خفض الإنتاج بمليوني برميل يوميا بداية من مطلع العام المقبل الذي لا أتوقع حدوثه عطفا على واقع الجائحة والدخول في موجة ثانية قد تكون أقوى من سابقتها. بغض النظر عن تقليص تخفيض الإنتاج من عدمه، وسيتبين رسميا خلال هذه الأيام، أعتقد أن "أوبك+" بقيادة السعودية اكتسبت مناعة قوية من موجة كورونا الأولى، ما سيجعل التعامل مع أسواق النفط أقل صعوبة في حال وجود موجة ثانية قوية - لا قدر الله. هذا ما أكده الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، حيث أكد أن هذه المجموعة ولا سيما هذا العام، لديها المرونة للتأقلم مع الظروف المتغيرة عندما يتطلب الأمر، ولن تتملص من مسؤولياتها في هذا الصدد. هذا لا يعني أن أسواق النفط في منأى عن التقلبات والمفاجآت، لكنه يعني أن المجموعة مستعدة للتعامل مع أي طارئ - لا قدر الله، وأن الأسواق تجاوزت الأسوأ بإذن الله.