تراجع المؤشر العقاري
أصدرت الهيئة العامة للإحصاء، أخيرا، نشرة الربع الثالث للرقم القياسي لأسعار العقارات. وتغطي النشرة عادة تطورات أسعار العقار ومكوناته من خلال مؤشرات (أرقام قياسية) عامة وقطاعية للمملكة ككل ومناطقها. يتكون المؤشر العام لأسعار العقارات من ثلاثة مؤشرات لأسعار قطاعات العقارات السكنية والتجارية والزراعية. تشكل العقارات السكنية معظم المؤشر العقاري العام بنسبة 65 في المائة منه، بينما يصل نصيب العقارات التجارية إلى 31 في المائة، أما العقارات الزراعية فتكون الجزء الباقي. يدخل في تركيب كل مؤشر قطاعي عقاري مكونات عقارية متعددة، ولكن أهمية الأراضي النسبية تشكل معظم المؤشر الرئيس والمؤشرات القطاعية. وتتطرق النشرة إلى تغيرات مؤشرات العقارية الربعية لفترة ربع العام مع الربع السابق، وكذلك التغيرات السنوية للفترة مع الربع المماثل من العام السابق. وتفيد نشرة الربع الثالث 2020 باستمرار التراجع الربعي لأسعار العقارات للربع الثاني على التوالي، كما تشير بياناتها إلى تراجع التحسن السنوي للمؤشر.
ارتفعت تراجعات المؤشرات العقارية الربعية في الربع الثالث 2020 مقارنة بالربع السابق. فقد انخفض الرقم القياسي العام لأسعار العقارات في الربع الثالث 2020 بنسبة 0.6 في المائة مقارنة بالربع الثاني 2020. ويؤكد هذا عودة المؤشر العقاري إلى التراجع بعد التراجع الطفيف في الربع الثاني الذي لم يتجاوز 0.1 في المائة. جاء التراجع ربع السنوي للربع الثالث 2020 نتيجة لانخفاض مؤشري قطاعي العقارات السكنية والتجارية بنسبتي 0.5 في المائة و 0.7 في المائة على التوالي، بينما استقر مؤشر قطاع العقارات والزراعية. تراجعت في هذه الفترة أسعار الأراضي والفلل والشقق والبيوت السكنية بنسبة 0.5 في المائة، 0.1 في المائة، 0.1 في المائة، 0.2 في المائة على التوالي، مقارنة بالربع السابق. من جهة أخرى تسبب انخفاض أسعار الأراضي التجارية بنسبة 0.7 في المائة بتراجع مؤشر العقارات التجارية بالنسبة نفسها.
تراجع التحسن السنوي لأسعار العقارات للرقم القياسي لأسعار العقارات (المؤشر العقاري) للربع الثالث 2020، إلى 0.5 في المائة بعدما كان 0.7 في المائة في الربع السابق. ويعود التحسن السنوي بشكل رئيس لارتفاع أسعار العقارات السكنية بنسبة 2.1 في المائة. وحد تراجع أسعار العقارات التجارية السنوي بنسبة 2.5 في المائة من تحسن المؤشر العام لعقارات المملكة خلال الفترة. أما العقارات الزراعية، فارتفعت بنسبة 0.3 في المائة، وكان تأثيرها محدودا في المؤشر العام لانخفاض أهميتها في تكوينه. وقفت - بشكل رئيس - تغيرات أسعار الأراضي وراء تغيرات أسعار المؤشر العام والمؤشرات القطاعية السكنية والتجارية والزراعية السنوية خلال الفترة. جاء ارتفاع العقارات السكنية بسبب زيادة أسعار الأراضي والفلل والشقق السكنية السنوية بنسب 2.1 في المائة، 0.8 في المائة، 1.5 في المائة على التوالي. أما أسعار العمائر السكنية، فقد تراجعت بنسبة 0.9 في المائة، ويعود هذا إلى نزول الإيجارات في الآونة الأخيرة، الذي خفض معدلات العائد على الاستثمار في العمائر السكنية. من جهة أخرى، انخفض مؤشر قطاع العقارات التجارية السنوية بنسبة 2.5 في المائة نظرا لتراجع أسعار الأراضي التجارية بالنسبة نفسها، بينما ارتفعت أسعار العمائر التجارية بنسبة محدودة لم تتجاوز 0.1 في المائة. أما الأراضي الزراعية، التي تشكل وحدها مؤشر العقارات الزراعية، فقد تحسنت أسعارها بنسبة محدودة بلغت 0.3 في المائة.
تشير بيانات وزارة العدل حول أحجام تبادلات السوق العقارية إلى تراجع حجم الطلب العقاري خلال الربع الثالث 2020 مقارنة بالربع الثاني من العام نفسه، فبعد القفزة في إجمالي قيم العقارات المتبادلة في المملكة خلال الربع الأول 2020 التي بلغت 44.1 مليار ريال انخفضت بشكل طفيف في الربع الثاني 2020 إلى 42.1 مليار ريال، ثم تراجعت بشكل ملحوظ في الربع الثالث 2020 إلى 27.9 مليار ريال، وهو ما يمثل انخفاضا ربعيا بنسبة 33.7 في المائة أو الثلث تقريبا. من ناحية أخرى، شهد إجمالي قيمة التبادلات العقارية للربع الثالث 2020 تراجعا سنويا مقارنة بنظيره في الربع المقابل 2019، حيث انخفض بنسبة 34.7 في المائة. وتوزع التراجع على العقارات السكنية والتجارية خلال الربع الثالث 2020، كما توزع على أشهر الفترة، حيث تدنى إجمالي قيم الصفقات العقارية إلى 7.9 مليار ريال في تموز (يوليو) ثم ارتفع قليلا إلى 8.1 مليار ريال في آب (أغسطس) وبعد ذلك تحسن بعض الشيء في أيلول (سبتمبر) الماضي إلى 11.9 مليار ريال إلا أنه ما زال تحت متوسطات الأشهر المعتادة.
استمرار تراجع المؤشرات العقارية العامة الربعية في الربع الثالث 2020 للربع الثاني على التوالي، عكس اتجاه التحسن المحدود في الربعين الرابع 2019 والأول 2020. ويوضح تغير اتجاه الأسعار هشاشة التعافي السابق ومدى حساسية هذا القطاع وتأثره بالسياسات الضريبية. ومن المرجح ظهور تحسن في اتجاه وأحجام التبادلات وأسعار العقارات بعد التغيرات الضريبية الأخيرة، ولكن هذا مشروط بتحسن مزاج المتعاملين في العقارات. ويبدو أن رفع ضريبة القيمة المضافة في بداية هذا الربع قد حد من الطلب وضغط على الأسعار وقلص فرص تحسنها. ومن المتوقع أن يتراجع هذا التأثير بسبب استبدال ضريبة القيمة المضافة التي كانت 15 في المائة بضريبة التصرفات العقارية بنسبة 5 في المائة (وهي على ما يبدو ضريبة مبيعات). وتتأثر التعاملات العقارية مثلها مثل أي تعاملات اقتصادية بعوامل متعددة، من بينها السياسات والعوامل والأوضاع الاقتصادية المؤثرة في العرض والطلب العقاري، كمعدلات النمو الاقتصادي والسكاني والإنفاق الحكومي وأسعار الفائدة والسياسات الضريبية والتنمية العمرانية وأنظمتها.