عطر برائحة الدم
تشكل العطور أهمية كبيرة في حياة البشر. تلك الرائحة التي تنبعث من قنينة زجاجية فتداعب حواسك وتنفذ إلى داخلك لتمنحك مشاعر مختلفة وأحيانا مختلطة بين الفرح والسعادة وأحيانا الحزن أو الحنين عندما يرتبط العطر بشخص أو مكان غادرناه أو غادرنا.
عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ حين بدأ إحراق الأشجار ليتدفأ بنارها فتصدر عنها روائح عطرية، لتبدأ رحلة العطور من استخدامها في الطقوس الدينية ثم العلاج إلى التعطر بها بعد استخلاصها من النباتات والأزهار والفواكه ومن إفرازات بعض الحيوانات. فتن بها الإنسان وأصبحت تلازمه على مدار اليوم وقد لا يعلم أن تلك القنينة الفاخرة قد تحوي مواد غريبة ومثيرة للاشمئزاز قد لا تخطر له على بال!
مع تطور صناعة العطور والبحث عن التفرد والفخامة لجأ مصنعو العطور إلى استخدام عديد من المخلفات الطبيعية للكائنات الحية والمواد الكيماوية الغريبة لإنتاج أفضل وأفخر العطور العالمية!
من هذه المواد الغريبة والمثيرة للاشمئزاز مادة الكاستريوم النفاذة، المستمدة من الإفرازات الشرجية لحيوان القندس، تمنح رائحة الفانيليا وتستخدم في العطور ذات الطابع الجلدي وكانت حتى القرن الـ18، تستخدم كعلاج لحالات تراوح من الصداع إلى الهستيريا!
حتى البارود المرتبط في أذهاننا بالحروب والقتل استخدم في صناعة العطور الرجالية والنسائية على حد سواء رغم رائحته الفلفلية والدخانية التي تبدو كرائحة رجالية!
ولم يسلم اللحم المقدد من هجمت صانعي العطور ليس كوجبة وإنما كعنصر يدخل في صناعة عطورهم، فاللحم المقدد اشتهر برائحته المالحة والدخانية الفريدة من نوعها وحمل العطر اسم باكون وتم إطلاقه في عام 2010!
أما المادة الكيماوية "ثنائي ميثيل السلفيد" فتستخدم بقوة في صناعة العطور، على الرغم من أن لها رائحة كريهة تشبه رائحة البصل والكبريت، لتثبيت ودعم قوة العطر المستخلص من الزهور. ويتم استخراجه بشكل طبيعي من بعض النباتات مثل الهليون والبصل، وتتميز مادة الإندول الكيميائية الموجودة في أزهار الياسمين والبرتقال بجانب الزنابق، برائحة نتنة تشبه رائحة فضلات الإنسان - أعزكم الله - عكس الرائحة العطرية النفاذة لتلك الأزهار. ويتم استخدامها لإبراز وتقوية رائحة الياسمين. والعجيب أنها عند شمها تتفاعل مع أدمغة البشر لتمنحهم شعور بالراحة والاسترخاء!
ومن أغرب المكونات مركب "الماركبتان" الذي يتميز برائحة كريهة تشبه رائحة الملفوف المتعفن ومع ذلك يستخدم لمنح العطور الفخمة رائحة القهوة!
ولم يقفوا عند هذا الحد بل استخدموا الإفرازات البشرية بشتى أنواعها لصناعة عطر جذاب على حد زعمهم مكون من الدم والعرق واللعاب - أجلكم الله - في عطر يحمل اسم "سيكريشن ماجنيفيكيس".