استرخوا .. يا جماعة
من الحقائق التي يجب أن نتعايش معها كبشر هي حقيقة أننا سنتعرض خلال مراحل وجودنا في هذا العالم إلى تجارب مؤلمة ومختلفة تؤدي بنا إلى الضغوط النفسية والتوتر والقلق و"الغلقة وضيقة الصدر"، وستختلف حدتها وخفتها على حسب المواقف والتجارب التي نمر بها وكيفية تعاملنا معها، لا أحد يتمتع بكامل قواه العقلية يطمح أن يعيش الحياة المثالية الكاملة الخالية من المنغصات والنكد والمشكلات، لأنه يدرك يقينا أن ذلك لا يحدث إلا في الجنة فقط، ولكن ما يقلق حقا هو أن كثيرين لا يدركون أن عديدا من هذه التراكمات والضغوط والتوتر لها نتائج مخيفة على ردة الفعل المفاجئة التي قد تفوق الفعل نفسه، مثلا شخص يعاني مشكلات زوجية وللتو كان في شجار عنيف مع زوجته يخرج من منزله ويقود سيارته ثم يحصل تصادم بسيط بينه وبين شخص آخر، وحين ينزل من السيارة ليتفقد الأضرار ينجرف تلقائيا في شجار وتعارك مع الشخص الآخر و"يفش خلقه" فيه وربما هذا الانفجار الهائل في انفعالاته يقوده إلى جريمة غير مبررة، مثل هذه الحوادث التي تكون ردة الفعل مبالغا فيها تجعلنا نؤمن أن الضغوط والتوتر والقلق هي الأعداء الحقيقية للبشرية في هذا الوقت الحالي، خصوصا في ظل رتم الحياة المتسارع والمسؤوليات والمتطلبات المتلاحقة التي لا تكاد تنتهي.
أشهر أطباء القلب في العالم أصبحوا يحذرون من ارتفاع مستوى التوتر وخطورة ذلك على القلب، بل صنف كأحد أهم الأسباب لأمراض القلب متفوقا على الدهون والتدخين والكوليسترول. إذا كانت كل الحقائق تخبرنا عن خطورة التوتر والضغوط وفي الوقت نفسه ندرك استحالة عدم التخلص منها فإننا أمام حقيقة أخرى علينا أن ندركها أيضا، وهي التوازن الانفعالي والعاطفي في التعامل معها مع ضرورة التخلص من تراكماتها الداخلية كما نتخلص في بيوتنا من أكياس القمامة - أكرمكم الله - كل مساء.
يغفل كثيرون عن أهمية الاسترخاء في القضاء على التوتر، صدقني - عزيزي القارئ - أنت لا تحتاج إلى زيارة مركز استرخاء واستجمام ومساج بمبلغ وقدره لكي تسترخي، هناك عدة طرق بسيطة وغير مكلفة ستساعدك، مثلا مارس المشي ساعة كاملة يوميا، ودرب رئتيك على التنفس العميق لنصف ساعة أخرى، وركز جيدا على علاقتك الروحانية مع الله تعالى، واخرج أسبوعيا في نزهة برية بعيدا عن ضجيج المدينة مع شاي جمر ومراقبة النجوم ليلا وفكر بشكل إيجابي وابتسم في وجوه الآخرين.
وخزة
استرخوا يا جماعة.. ترى الدنيا "ما تستاهل"!