فريق النمل الأبيض
حسب فهمنا للذكاء يتمنى الأغلبية منا أن تكون لديه أو لدى أبنائه نسبة ذكاء عالية لكي يتمكنوا من النجاح في حياتهم وتخطي العقبات، ويحصرون تفكيرهم في تعريف محدود للذكاء، وأنه يعني الحصول على علامات دراسية جيدة والالتحاق بأفضل الجامعات، وكذلك الحصول على وظيفة متميزة، فيصبحون أكثر سعادة ونجاحا وجنيا للأموال، ولكن واقع الأذكياء والدراسات عليهم تجعلك تحمد الله أنك لست منهم!
لمعرفة مدى ارتباط الذكاء بالنجاح والسعادة والتفوق، قرر العالم النفسي لويس تيرمان عام 1926، إجراء اختبارات لدراسة مجموعة من الأطفال الموهوبين، وجاب تيرمان مدارس كاليفورنيا بحثا عن الصفوة من طلابها، ليختار 1500 طالب بمستويات ذكاء تبدأ من 140 فصاعدا؛ 80 طالبا منهم يتمتعون بمستويات ذكاء تجاوزت 170!
وأطلق على أولئك الطلاب اسم «النمل الأبيض»، وما زالت نجاحاتهم وإخفاقاتهم تحت البحث والدراسة حتى يومنا هذا.
نعم، لقد حقق جزء منهم ثروة وشهرة مثل الكاتب المسرحي جيس أوبنهايمر، ولكن جزءا لا يستهان به من أعضاء فريق النمل الأبيض امتهنوا مهنا متواضعة جدا، مثل بحارة وكاتبين على آله كاتبة حتى وصل بهم الحال إلى العمل نُدُل في المطاعم!
لذا استنتج تيرمان أن الذكاء والنجاح غير مترابطين!
كما أن الذكاء لم يوفر لهم السعادة فطوال أعوام حياتهم، كانت مستويات الطلاق، والإدمان على الكحوليات، والانتحار تبلغ تقريبا معدلات الأشخاص العاديين نفسها.
ولعل من أهم أسباب إخفاق الأذكياء إدراكهم لموهبتهم، لذلك بعد أن سئل أفراد فريق النمل الأبيض عن شريط حياتهم بعد مرور 80 عاما لم يذكروا نجاحاتهم، بل تطرقوا إلى الأمور التي فشلوا في تحقيقها لأنهم لم يصلوا إلى ما كانوا يصبون إليه عندما كانوا شبابا تبعا لذكائهم.
يعاني كثير من الأذكياء القلق ويختلف قلقهم عن الأشخاص العاديين، فهم يقلقون من أمور عديدة ولفترات طويلة خلال اليوم!
ومن المؤسف أن ذكاءهم لم يساعدهم - في الغالب - على اتخاذ القرارات الصحيحة أو الحكم على الأمور بطريقة أفضل وأكثر حكمة وعقلانية، فهم يتمتعون بتحيز أعمى لذواتهم!
أما أفراد جمعية «منسا» التي يتمتع أعضاؤها بنسب ذكاء أعلى من 98 في المائة، فقد كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطرابات خطيرة، مثل: الاكتئاب، عسر المزاج، ثنائية القطب، الوسواس القهري، نقص الانتباه مع فرط النشاط، والتوحد. وكذلك الحساسية البيئية مثل الربو وأمراض المناعة الذاتية التي بلغ معدل إصابتهم بها ثلاثة أضعاف المعدل القومي، وأجمعوا على أن السبب في ذلك يعود إلى النشاط الذهني المفرط لجسم مفرط في الحساسية للعوامل الخارجية!