السباق الرئاسي والاقتصاد الأمريكي «1من 2»

رغم استجابة الحكومة الأمريكية الضعيفة لجائحة مرض فيروس كورونا كوفيد - 19 كما يزعم البعض، وهذا الضعف الذي تسبب في جعل الاقتصاد أضعف كثيرا مما كان ينبغي له، فقد حافظ على ميزة هامشية تتعلق بمسألة أي من المرشحين أفضل للاقتصاد الأمريكي؟ وإزاء هذا الوضع، يمثل البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه 4 في المائة فقط من سكان العالم الآن، أكثر من 20 في المائة من إجمالي الوفيات الناجمة عن كوفيد - 19، وهي نتيجة غير مرضية بكل ما في الكلمة من معنى، نظرا إلى نظام الرعاية الصحية المتقدم، وإن كان مكلفا في أمريكا.
الواقع: إن الافتراض بأن الجمهوريين أفضل من الديمقراطيين في الإدارة الاقتصادية، راجع إلى أسطورة قديمة أشرت إليها في كتابنا الصادر عام 1997 بعنوان: "الدورات السياسية والاقتصاد الكلي"، أظهرنا أنا والراحل العظيم ألبرتو أليسينا، أن الإدارات الديمقراطية تميل إلى قيادة نمو أسرع، وبطالة أدنى، وأسواق أسهم أقوى مقارنة بالإدارات الجمهورية.
الواقع: إن فترات الركود في الولايات المتحدة تأتي دائما تقريبا في ظل إدارات جمهورية، وهو النمط الذي استمر منذ ظهور كتابنا. جاء الركود عام 1970، وفي الفترة 1980 - 1982، وعام 1990، وعام 2001، وفي الفترة 2008 - 2009، والآن في عام 2020، عندما كان أحد الجمهوريين في البيت الأبيض باستثناء الركود المزدوج في الفترة 1980 - 1982، الذي بدأ في عهد جيمي كارتر، لكنه استمر تحت حكم رونالد ريجان. على نحو مماثل، اندلعت أزمة الركود الأعظم في الفترة 2008 - 2009 بفعل الأزمة المالية التي امتدت طوال الفترة 2007 - 2008، وحدثت أيضا تحت إشراف الحزب الجمهوري.
هذا الميل ليس عشوائيا، ذلك أن السياسات التنظيمية المتساهلة تفضي إلى الأزمات المالية والركود. وما يزيد الأمور تعقيدا أن الجمهوريين ينتهجون على نحو منتظم سياسات مالية متهورة، وينفقون قدر ما ينفق الديمقراطيون، لكنهم يرفضون زيادة الضرائب للتعويض عن عجز الموازنة الناتج عن ذلك.
بسبب سوء الإدارة على هذا النحو أثناء رئاسة جورج دبليو بوش، ورث الرئيس باراك أوباما ونائب الرئيس بايدن أسوأ ركود منذ الكساد الأعظم. ففي أوائل 2009، تجاوز معدل البطالة في الولايات المتحدة 10 في المائة، وكان النمو في حالة سقوط حر، وكان عجز الموازنة تجاوز بالفعل 1.2 تريليون دولار، وكانت سوق البورصة منخفضة بنحو 60 في المائة. لكن بحلول نهاية ولاية أوباما الثانية أوائل عام 2017، تحسنت كل هذه المؤشرات بدرجة هائلة.
في الواقع، حتى قبل الركود نتيجة أزمة كوفيد - 19، كان تشغيل العمالة ونمو الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن أداء سوق الأسهم في الولايات المتحدة، أفضل في عهد أوباما مقارنة بعهد ترمب.
تزامن ارتفاع أسعار الأسهم في آب (أغسطس) المنصرم، ما يشير إلى أن الأسواق لا تشعر بأي توتر إزاء رئاسة بايدن المحتملة، أو بشأن احتمالات اكتساح الديمقراطيين للكونجرس. السبب بسيط، فإدارة بايدن من غير المحتمل أن تلاحق سياسات اقتصادية راديكالية. فربما يكون بايدن محاطا بمستشارين تقدميين، لكنهم جميعا ينتمون بالكامل إلى التيار السياسي السائد. علاوة على ذلك، يعد اختياره منصب نائب الرئيس، السيناتور كامالا هاريس من كاليفورنيا، معتدلا إلى حد كبير، وأغلب أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين سيحتلون مقاعد الكونجرس الجديد أكثر وسطية من جناح اليسار في حزبهم.
صحيح أن إدارة بايدن قد ترفع معدلات الضرائب الهامشية على الشركات، وأعلى 1 في المائة من الأسر دخلا، التي خفضها ترمب والجمهوريون في الكونجرس لمجرد إعطاء المانحين الأثرياء والشركات حسنة قيمتها 1.5 تريليون دولار. لكن معدل الضريبة الأعلى لن يؤدي إلا إلى إلحاق ضرر متواضع بأرباح الشركات... يتبع.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي