دور التأمين التعاوني في الوقاية من الجائحة
التأمين التعاوني أو التكافل هو البديل عن التأمين التقليدي، وتقوم فكرة التأمين التعاوني على أساس أن يكون هناك تضامن بين المشتركين في مقابل المخاطر والحوادث التي يتعرض لها البعض منهم، فعندما يشترك مجموعة من الأفراد من أجل التأمين على مركباتهم، فإن ذلك يعني بالضرورة أن المجموعة تسهم في دفع أثر الضرر المادي، الذي يحصل للمشتركين معهم، وهذه الفكرة الأساسية من التأمين التعاوني، الذي يعتمد على التضامن بين المشتركين، وهو أحد أشكال الدعم المجتمعي بطريقة أقرب ما تكون إلى التعاون الإلزامي أحيانا في بعض الصور والتعاون، الذي يوفر فرصة للبعض ممن يكون معرضا للمخاطر. ومن هنا، تنوع التأمين لمختلف الأنشطة في الحياة، ولعل اختلاف البعض في فهم التأمين يجعله غير إيجابي معه، إلا أنه عند حدوث الكوارث يدرك فائدة التأمين ليس فقط في مسألة التعويض عن الخسائر التي يمكن أن تحصل له، بل حالة الاطمئنان لوجود وسيلة للتعويض تجعله يتصرف بصورة مختلفة في إدارة أنشطته التجارية أو الشخصية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، في حالة التأمين على المنازل، خصوصا التي تعرض للبيع وتستهدف الأفراد الذين يشترون من خلال التمويل عن طريق وزارة الإسكان أو المؤسسات المصرفية والتمويلية، تجد أن اشتراطات شركات التأمين ستتم مراعاتها وتتضمن اتخاذ جميع الخطوات لسلامة المباني، إضافة إلى اتخاذ إجراءات تتعلق بسلامة الساكنين من الحرائق أو الكوارث التي يمكن أن تحصل للمنازل من خلال تطبيق معايير معتمدة، سواء عالميا أو من قبل الجهات المختصة.
وفي حالة التأمين من قبل الشركات أو الأنشطة التجارية على المستودعات والمحال التجارية والمباني التجارية، فإن شركات التأمين لديها اشتراطاتها التي تؤكد الاشتراطات والمعايير الحكومية لسلامة تلك المباني، وقد يكون لها اشتراطات أكثر للحد من وقوع الكوارث أو تخفيف أثرها - بإذن الله - ليس في التعويض فقط، بل حتى في السلامة. وبطبيعة الحال، مثل هذه الإجراءات تهدف من قبلها إلى الحد قدر الإمكان من زيادة حجم التعويضات التي تقدمها للمتضررين، سواء بتقليل احتمال وقوع الكوارث أو الحد من الأضرار قدر الإمكان، ولذلك نجد أن لشركات التأمين إسهاما جيدا في دعم سلامة المنشآت، إضافة إلى المؤسسات الرسمية التي تطور دائما من معاييرها بما يعزز من سلامة المواطن.
وفيما يتعلق بالأوبئة، فإنه يعول كثيرا على شركات التأمين للإسهام في الحد من أثر انتشار الأوبئة، مثل ما يمر به العالم اليوم من انتشار لوباء كوفيد - 19، والحقيقة أنه، بعد أن مر العالم بتجربة مريرة لمدة تقارب عاما، لا يزال يعيش ظروفا صعبة بسبب عدم اليقين فيما يتعلق بهذا الوباء، حيث ما زال موجودا وتتزايد حالات انتشاره في موجه ثانية قد تكون أكثر قسوة على بعض الدول، خصوصا في أوروبا، عن الموجة الأولى، فالدول التي تشعر بنوع من انخفاض في أعداد الإصابات، تشعر بقلق مع تزايد الإصابات في دول أخرى حول العالم، ولا سيما مع إقبال فصل الشتاء الذي يعتقد أن له أثرا في زيادة الإصابات بهذا الوباء، كما أن التراخي في إجراءات الوقاية من الأفراد والقطاعات التجارية، سيكون له ضرر كبير فيما يتعلق بانتشاره. ورغم الإجراءات الحكومية الصارمة عالميا، إلا أن المراقبة المستمر صعبة جدا، ولذلك من الممكن أن تسهم شركات التأمين، ومنها التعاوني، في أن يكون هناك تأمين خاص بانتشار الوباء على القطاعات التجارية، خصوصا القطاعات التي لها علاقة بالسفر، حيث تتأكد شركات التأمين باستمرار من سلامة إجراءات المطارات والمنشآت العامة، ومن ثم في حالة اكتشاف إصابة لأحد المسافرين تغطي مصاريف العزل والعلاج، وهذا من شأنه أن يكون إحدى الأدوات التي يمكن من خلالها الحد من تسهيل تنقل الفئات المصابة بالوباء، خاصة مع تفاوت إجراءات الحكومات والمطارات وشركات الطيران. ومن الممكن أن يكون هذا أحد المتطلبات للدول التي تتخذ إجراءات أكثر صرامة في مواجهة الوباء، وهو ما يفعله حاليا بعض الدول التي أصبحت تصنف الجنسيات التي يمكن لها أن تستقبلهم، وذلك بسبب التفاوت الموجود في الإجراءات والشفافية العالية فيها.
الخلاصة: إن شركات التأمين التعاوني يمكن أن تسهم في مواجهة الوباء باعتبار أن التأمين اليوم أصبح أكثر كفاءة وقدرة على الاشتراطات التي تحد من وقوع الكوارث، سواء فيما يتعلق بالمباني أو الممتلكات والسلع وغيرها، ومشاركتها في التأمين من الإصابة بوباء كوفيد - 19، حيث تضع الاشتراطات التي تسهل مسألة التنقل بين الدول، ويمكن أن تسهم في زيادة المعايير الخاصة بالمطارات وشركات الطيران، ما يسهم في الحد من انتشار الوباء بسبب التنقلات.