رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مستقبل النفط في السعودية .. إلى أين؟

منذ أن أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في تقريرها السنوي توقعاتها لمستقبل الطلب العالمي على النفط على المديين القريب والبعيد، وبالأخص توقعها بلوغ الطلب العالمي على النفط ذروته أواخر العقد المقبل، عجت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بردود أفعال متفاوتة بين الموضوعية وغير الموضوعية، والمتفائل والمتشائم. في عام 2019 بلغت نسبة الطلب العالمي على النفط مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى أكثر من 31 في المائة، وبحسب تقرير "أوبك"، سيتربع النفط على عرش مصادر الطاقة العالمية حتى عام 2045 بنسبة 27 في المائة، يليه الغاز بنسبة 25 في المائة، ومن ثم الفحم بنسبة 20 في المائة. عند استشراف مستقبل النفط على المدى القريب، فلا يمكن تجاهل جائحة كورونا كوفيد - 19 وانعكاسها السلبي الحاد على الاقتصاد العالمي، وأسواق النفط التي يجري عليها ما يجري على جميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى. الشلل الاقتصادي في ظل جائحة كورونا أدى إلى تراجع الطلب على الطاقة في العام الجاري 2020، حيث انخفض الطلب على النفط بمقدار تسعة ملايين برميل يوميا مقارنة بعام 2019، لكن "أوبك" تتوقع أن يصل الطلب العالمي إلى نحو 103.7 مليون برميل يوميا في عام 2025، وعلى المديين المتوسط والبعيد تتوقع استمرار النمو بنسبة 0.9 في المائة سنويا حتى عام 2045. ذكرت سابقا في سلسلة من المقالات بعنوان "الاستشراف صناعة وليس ترفا فكريا" أن مخرجات الدراسات الاستشرافية ليست مسلمات ذات طبيعة جامدة، بل يجب أن تتصف المراكز المختصة بهذا النوع من الدراسات بالديناميكية ومتابعة المتغيرات التي تطرأ على مدخلات المواضيع محل الدراسة دوريا، فقد تتغير المدخلات "التوقعات" التي بنيت عليها هذه الدراسات جزئيا أو كليا ما سينعكس بالضرورة على مخرجاتها ودقتها. التعاطي الإعلامي والشعبي مع تقرير "أوبك" حول ذروة الطلب على النفط جاء متفاوتا بين قارئ منصف ومهني للحدث، وبين متصيد وجد فيه ضالته لبث سمومه وتمرير رسائله المضللة. لفت انتباهي محاولة بعض الجهات الناقمة على السعودية ومن يلف لفها استغلال هذا الموضوع بمحاولة تمرير رسائل سلبية ومحاولة نشر نوع من الهلع عن مستقبل النفط في السعودية ومستقبل اقتصادها بلا موضوعية ولا مهنية، وهذا ليس بمستغرب عليهم. فقد تغافلوا في طرحهم عن حقيقة أن النفط ليس حكرا على الطاقة، وأن له استخدامات وتطبيقات كثيرة لا يسع ذكرها في هذا المقال، ومع ذلك سيبقى النفط متربعا على عرش مزيج الطاقة العالمي حتى عام 2045 إن صحت التوقعات الاستشرافية حول ذروة الطلب على النفط. تجاهلوا توضيح الفرق بين انخفاض النمو على الطلب وانخفاض الطلب، وكأن الإيرادات النفطية ستصل إلى الصفر في ذلك العام، حاولوا تصوير هذا الخبر على أنه مفاجئ وكارثي، وكأنهم لا يعلمون أن صناع القرار في السعودية بدأوا منذ زمن طويل استراتيجية التكامل بين صناعة المنبع والمصب والاستثمار الداخلي والخارجي في الصناعات التكريرية والتحويلية. كأنهم لم يعلموا أن التحرر من النفط وتنويع مصادر الدخل هو أحد أركان رؤيتنا المباركة "رؤية 2030". ما أعتقده، أن وزارة الطاقة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة وبتوجيهات من القيادة الرشيدة تعمل منذ زمن طويل في كل اتجاه بفاعلية وحكمة وتناغم لتحقيق أهداف "الرؤية"، وكأن لسان حالها يقول: أمطري حيث شئت، فسيأتينا خراجك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي