الأرض الأرجوانية
لم يخطر في بالنا يوما أن لون الأرض قد يكون مختلفا عما عهدناه، فنحن نتغنى بجمال الأرض وخضرتها ويغلب علينا الانجذاب للونها الأخضر، الذي يمنحنا الراحة والهدوء ونشد الرحال لمواطن الخضرة، ولكن الأبحاث تقول إن الأرض لم تكن خضراء قديما لقد كانت وردية أو أرجوانية بالأصح، وهو لون مغاير للبنفسجي وليس لونا من ألوان الطيف الأصلية التي حددها نيوتن، بل هو لون مصنوع من مزيج بين لونين الأحمر والأزرق.
قديما وتبعا للدراسات في أوروبا وأمريكا، وجد أن اللون الأرجواني هو اللون الأكثر ارتباطا بالملوك والغموض والتقوى. وعندما يقترن مع الوردي يوحي بدلالات أنثوية.
فقد كان الأرجواني لون الزي الذي يرتديه القضاة الرومان بعدها اتخذه حكام الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الرومانية المقدسة لونا لأزيائهم، كما ارتداه الأساقفة الكاثوليك الرومان وفي اليابان أيضا. لذا ارتبط اللون تقليديا بالإمبراطور والأرستقراطيين.
وبالعودة إلى لأرض نجد أنها اكتست اللون الأخضر حديثا نتيجة عمل اليخضور أو الكلوروفيل الذي يمتص الطاقة من الشمس، ويستخدمها لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ماء وسكريات لتتغذى عليها فيما يعرف بعملية "البناء الضوئي" ويمنح النباتات اللون الأخضر.
ليأتي علماء من "ناسا" ويطلقوا مفاجأتهم وهي أن الأرض في السابق كانت أرجوانية وليست خضراء، فقد وجدوا أن المواد الراتنية وليس الكلوروفيل هي المسؤولة عن إكساب الأرض البدائية لونها، وأن الصبغتين تطورتا معا لكن الراتنية جاءت أولا، والريتنال في الغالب أتى قبل الكلوروفيل بصفته الجزيء المهيمن على عملية امتصاص ضوء الشمس. يمتص جزيء الريتنال اللون الأخضر والأصفر ويرسل اللونين الأحمر والأزرق المشكلين للون الأرجواني، لذا بدت الأرض أرجوانية في مرحلة من مراحل تاريخ كوكبنا الذي يبلغ عمره نحو 13.8 مليار عام، وتم تحديد تاريخ هذا الوقت في مكان ما بين 2.4 إلى 3.5 مليار عام من عمر الأرض، قبل حدث الأكسجة الكبير، الذي ربما كان بسبب ارتفاع التمثيل الضوئي القائم على الكلوروفيل. وقام بهذه الدراسة كل من شيلادتيا داسرما، أستاذة البيولوجيا الجزيئية في جامعة ميرلاند، والدكتور إدورد شويترمان عالم الأحياء في جامعة كاليفورنيا.
هذه الدراسة تمنحنا مجالا أوسع للتفكير في العوالم الأخرى والكواكب من حولنا، فإذا كانت الأرض قد مرت بطور ريتنالي فمن المنطقي أن نأخذ ذلك في الحسبان عند البحث عن الكواكب المأهولة حديثا أو المأهولة بالفعل، وفي الحقيقة إنه من الممكن تماما أن تكون الحياة المعتمدة على الطور الريتنالي أكثر انتشارا في أنحاء الكون. وبالكشف عن هذا اللون سنتمكن من اكتشاف الكواكب المأهولة.