حكاية لعبة
يعشقها كثير، ويلعبونها سواء على أرض الواقع أو عبر الإنترنت. تقام لها المنافسات والبطولات. يفرغ فيها اللاعب طاقاته السلبية كما تمنحه مساحة من الوقت للانفصال عن الواقع وصرف تفكيره لحساب خطواته في اللعبة، أما على أرض الواقع فهي لعبة مستوردة تحولت إلى لعبة شعبية قد تنتهي صداقات وعلاقات بسببها!
تتنوع الألعاب التي تستخدم فيها أوراق اللعب نفسها بين الألعاب العادية
وألعاب القمار أجارنا الله منها، وألعاب السحر حمانا الله، وألعاب بناء المنزل وغيرها، رغم ذلك يجهل الأغلبية تاريخ ورمزية ورموز لعبة الورق أو الكوتشينة أو البلوت أو الشدة، و من الصعب تعقب تاريخ الكوتشينة في الحضارات القديمة، ولكن أولى الإشارات لأوراق اللعب في العالم جاءت من الصين والهند ومصر، ويؤكد بعض الخبراء أن بدايتها تعود إلى أسرة الملك تانج الصيني في القرن التاسع الميلادي، حيث ورد ذكر الكوتشينة في الأدب الصيني منذ القرن العاشر، ومنها انتشرت إلى باقي دول العالم عن طريق التجارة، وتم تطوير النسخة الأخيرة منها في فرنسا!
ويبقى السؤال ما سر عدد أوراقها؟ التي يبلغ عددها 52 ورقة، 13 ورقة لكل من الفئات الأربع المعروفة. وما هويات شخصياتها؟
هذا الرقم 52 ليس عشوائيا فهو يمثل عدد الأسابيع في العام، وفئاتها الأربع ترمز إلى فصول العام، فاللونان الأحمران يمثلان الفصلين الدافئين كما يدلان على قوى النور، أما المجموعتان السوداوان فتدلان على الفصلين الباردين وقوى الظلام. وقد ترمز إلى طبقات المجتمع الاربع في العصور القديمة والوسطى، وهي "القلب الأحمر" ويمثل سلطة رجال الدين والكنيسة، "البستوني" ويمثل الجيش في الدولة، في حين أن "السباتي" يمثل الزراعة والفلاحين، ويرمز "الديناري" لطبقة التجار.
ويرمز الواحد أو "الإكه" كما يسمى، إلى جوهر الأشياء والبدايات. أما باقي الأوراق المصورة، فهي الملك الذي يرمز للسلطة والأبوة، في حين ترمز الملكة إلى الأم والإنسانية، والشاب يرمز للأنا العليا للإنسان والشهوة، وأدخل عليها الأمريكان أخيرا ورقتي الجوكر أو المهرج الذي كان وجوده مألوفا في البلاط الملكي في العصور الوسطى!
أما الشخصيات المستخدمة فثمة من ينسبها أو يربطها بشخصيات تاريخية، فمثلا يدل ملك السباتي على الإسكندر الأكبر، القائد المعروف وملك البستوني يدل على الملك دايفيد في الإنجيل، وهو ثاني ملك يحكم مملكة إسرائيل قبل الميلاد وملك القلوب يرمز إلى تشارلز السابع ملك فرنسا الذي أشيع عنه أنه فقد عقله، فأمسك بسيفه وقام بغرزه بقوة في رأسه فمات!
إنها لعبة تختزل تاريخ البشرية وتحفظ أسرارها.