تعرف على مشاعرك
نستعيب كشعوب عربية، مهما بلغت درجاتنا العلمية وانفتاحنا على الآخر، أن نذهب إلى طبيب نفسي أو معالج اجتماعي، ليساعد على حل مشكلاتنا النفسية والاجتماعية، عكس ما نفعله مع أمراضنا العضوية، إذ نسارع إلى استشارة الطبيب، ونتعلق بحبة الدواء، وقد يكون كل ما تعانيه من آلام عضوية، ناتجا عن ألم نفسي بسبب مشاعر مكبوتة، أو ردة فعل تجاه مواقف معينة، أشعرتك بالحزن والإحباط، وجعلتك دوما مصدر لوم وهجوم ممن حولك.
تريد أن تعيش حياتك الطبيعية، ولكنك لا تعرف كيف تغير نظرة الناس إليك أو طريقة حكمهم عليك، ولا تعلم أن ذلك نتيجة سلوكك أنت الذي تحكمه مشاعرك، إذا شخصيتك وصورتك أمام الناس تحكمها مشاعرك فإذا عرفت حقيقة وطبيعة مشاعرك، وكيف تتعامل معها ستعرف نفسك، وستحاول تطوير ذاتك ورسم الصورة الحقيقية لك. مشاعرنا وأحاسيسنا جزء من إنسانيتنا، إذا فقدناها سنحتل رتبة أقل بين الكائنات الحية.
شعورك بالاكتئاب مثلا، يربط دائما بشعورك بالحزن فقط، رغم أنك في الأغلب تشعر بعديد من الأحاسيس مثل، الوحدة وأنك شخص غير مهم وغير مرئي وبائس وغيرها من الأحاسيس.
والسبب وراء معاناتنا في تحديد مشاعرنا، هو أنها غالبا تختفي بسرعة، فنحن نتعرض إلى كثير من الأحداث المتجددة، ما يعني أن مشاعرنا غير مستقرة، وبالتالي فإن تحديدها أمر معقد.
مشاعرنا مزيج من الطاقة والحركة، نشعر بها باستمرار مع استمرار وجودنا، فكل حدث يمر بنا، يحدث لدينا ردات فعل واستجابة محددة، قد تختفي في لحظتها، وقد ترافقنا أعواما، وتترك أثرها فينا، وتسهم في تكوين شخصياتنا دون أن ندرك ذلك.
عالميا، هنالك 128 شعورا من ضمنها مشاعر عديدة لا اسم لها في اللغة الإنجليزية، صنفت لاحقا إلى مشاعر أولية وثانوية. المشاعر الأولية عابرة أو مؤقتة، أما الثانوية، فمعقدة يصعب فهمها، وضحها المعلم يودا في حرب النجوم بجملة مختصرة قائلا، "الخوف يؤدي إلى الغضب، والغضب يؤدي إلى الكراهية، والكراهية تؤدي إلى المعاناة".
في 2012 وبعد دراسة وتحليل ردة فعل 42 عضلة من عضلات الوجه أثناء الاستجابات العاطفية، توصلوا إلى أن إخصائيي علم النفس، ربما بالغوا في تصنيفهم المشاعر، وبينوا أن هناك أربعة مشاعر فقط، أما المشاعر الأخرى إما متشابهة للغاية، وإما فرع لأحد الأربعة الأساسية.
فهمك للمشاعر يعني إيجاد السبب الحقيقي وراء ردات فعلك وكيفية تعاملك مع المعلومات، ما يساعد على الكشف عن سوء معاملة أو أحداث صادمة سابقة أدت إلى ندوب عاطفية، وتكوين شخصية لا تعبر عن حقيقتك.