رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الحلول الرقمية للمؤسسات الصغيرة في الشرق الأوسط وإفريقيا

تسيطر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على مشهد العمل التجاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتمثل هذه المؤسسات أكثر من 90 في المائة من مجموع مؤسسات الأعمال في المنطقة، وتسهم في بعض الدول بنسبة تصل إلى 50 في المائة من عمليات التوظيف و70 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
لكنها تواجه معوقات أمام النمو، ومساهمتها في التوظيف دون المستوى الممكن. ففي بعض أنحاء المنطقة، تتمثل القيود التي تعيق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في محدودية فرص الحصول على القروض، وبيئة الأعمال غير المواتية، وفجوات المهارات.
وتتيح التكنولوجيات الرقمية فرصا جديدة لمؤسسات الأعمال هذه حتى تحقق نموا أسرع. فمن الممكن للتكنولوجيات الناشئة وخدمات الإنترنت عريضة النطاق أن تسهل تحقيق كفاءات تشغيلية، ودفع الابتكار، والنفاذ إلى الأسواق والتمويل، كما يمكن أن تتيح للشركات العمل من بعد أثناء فترات الإغلاق العام. ومن شأن مرونة العمل من بعد أن تساعد على إدماج النساء والشباب في سوق العمل.
غير أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة لا تزال لم تحقق الهدف الأعلى في تبني التكنولوجيات الرقمية والتجارة الإلكترونية وذلك في بعض الدول، وتأتي مؤسسات الأعمال خلف الحكومات والمستهلكين في استخدام الإنترنت.
ومثلما يتحول المستهلكون بسرعة إلى شراء احتياجاتهم عن طريق الإنترنت، ويتزايد تفضيلهم للخدمات السريعة والسهلة، ستحتاج مؤسسات الأعمال الصغيرة إلى اعتماد حل رقمي يحافظ على قدرتها التنافسية ويسمح لها بالاستمرار. ولأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحمل مفتاح صنع الوظائف، فبإمكان الحكومات أن تساعد على التعجيل بتحولها الرقمي عن طريق وضع وتنفيذ استراتيجيات وطنية تعالج القيود التي تعوق الرقمنة على جانبي العرض والطلب.
فعلى جانب العرض، ينبغي أن تكون الأولوية لإزالة الحواجز أمام المنافسة وزيادة الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لضمان استفادة الجميع من خدمات الإنترنت ذات السرعة العالية والتكلفة المعقولة. وفي الوقت الراهن، رغم سهولة وصول كل الدول إلى شبكات الألياف البصرية الدولية، فإن كثيرا منها تضع حواجز أمام الدخول من قبيل الاحتكارات الحكومية أو القيود على المشاركة الأجنبية وربط النظراء عبر الإنترنت internet peering. وقد تسبب ذلك، إلى جانب ارتفاع متطلبات الاستثمار الرأسمالي، في إبطاء نشر التكنولوجيات الشبكية المتقدمة ونقاط تبادل الإنترنت internet exchange points.
وثمة حاجة إلى إصلاحات في التعليم وسوق العمل بغية تقليص فجوات المهارات الرقمية. فهناك نقص في المعروض من المهارات الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعاني بعض الدول التي تمتلك مستويات عالية من الخبرات الرقمية، مثل لبنان ومصر، هجرة العقول إلى الدول ذات الدخول الأعلى. ومن الممكن زيادة المعروض من المهارات التقنية على المدى المتوسط عن طريق تدريس مواد العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتوفير التعليم والتدريب الفني والمهني من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وفي الوقت ذاته، يمكن تقليص فجوات المهارات على المدى القصير من خلال تخفيف قيود العمل لتيسير حركة الوافدين في المجالات عالية التقنية.
والإصلاحات مطلوبة أيضا لتحسين لوجستيات التجارة الإلكترونية وإمكانية التعويل على إمدادات الكهرباء، التي لا تستطيع شبكة الإنترنت العمل من دونها. وتؤدي مواطن القصور الحالية في لوجستيات التجارة الإلكترونية - أنظمة العنونة الموحدة، وأكواد المناطق، والخدمة البريدية، والأرض، والتخليص الجمركي - إلى تأخير التسليم ورفع تكاليف التجارة عبر شبكة الإنترنت.
وتعد الإصلاحات التنظيمية وغيرها من الإصلاحات ضرورية أيضا لتيسير تطوير البنى التحتية المالية الرقمية. ولا تتيح الخدمات المالية الرقمية الحالية أساسا قويا للتحول الرقمي حيث تسببت البنية التحتية وأدوات قبول المدفوعات الإلكترونية - مثل محطات نقاط البيع، وبطاقات الائتمان وبطاقات الخصم الفوري - في الحد من النفاذ، كما أن معظم أنظمة الدفع غير قابلة للتشغيل البيني.
ويمكن أن تؤدي رقمنة الخدمات الحكومية والمشتريات إلى تحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الاحتذاء بهذا التوجه نظرا لحجم القطاع العام الكبير في معظم الدول وانتشار أداء المدفوعات للحكومات أو تلقي المدفوعات منها.
وعلى جانب الطلب، فإن فجوة الاستخدام الرقمي - أي التفاوت بين من يعيشون في مناطق تغطيها الخدمات عريضة النطاق لكنهم لا يستخدمون الإنترنت - تزيد عدة مرات على فجوة التغطية. ويشير هذا إلى أن الطلب مقيد بأسباب خلاف عدم توافر خدمات الإنترنت.
ولزيادة الطلب على الخدمات الرقمية، ينبغي أن تضع الحكومات برامج لمحو الأمية الرقمية والتوعية الرقمية، إضافة إلى تعزيز ثقة المستهلكين عن طريق تقوية أطر الأمن السيبراني، وتعريف الهوية الرقمية، وخصوصية البيانات، وحماية المستهلك. وتشير التقارير إلى أن المستهلكين في دول المنطقة لا يثقون بكيفية تعامل المواقع الإلكترونية مع معلوماتهم، وليست لديهم دراية بحقوقهم كمستهلكين. وفي بعض الدول، لا يملك المستهلكون الأدوات اللازمة لاعتماد الحلول الرقمية نظرا لعدم اتصال قطاعات كبيرة من السكان بشبكة الإنترنت وعدم امتلاكهم حسابات مصرفية. وفي أجزاء من المنطقة، بما فيها شمال إفريقيا، تقل ملكية الهواتف الذكية والأجهزة المدعمة بالإنترنت عن المتوسط العالمي.
وأخيرا، فحتى تتحقق المنافع الرقمية، يجب تعزيز الاستراتيجية الرقمية بإصلاحات في القطاع المالي وبيئة الأعمال، ولا سيما تقوية البنى التحتية المالية - أي سجلات ومكاتب الائتمان، وقوانين الإفلاس المحدثة، وسجلات الضمانات العينية - ودعم الأعمال، وكلها ستساعد على إتاحة القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي