مناهضي «أوبك» .. هل تغيرت قناعاتكم؟ «1»

أسست منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في أيلول (سبتمبر) من عام 1960، ومنذ تأسيسها حتى اليوم، أي خلال 60 عاما، واجهت تحديات كثيرة ومنعطفات خطيرة في مسيرتها من حروب بين بعض الدول، وقضايا اقتصادية وسياسية وجيوسياسية وطبيعية وفنية ألقت بظلالها على العالم بأسره وبلا شك أثرت في "أوبك" وأعضائها، فهم جزء لا يتجزأ من هذا العالم يجري عليهم ما يجري عليه. تم تأسيس "أوبك" لتأمين الاستقرار في أسواق النفط بعد سيطرة مجموعة عرفت حينها بالأخوات السبع، التي كانت مؤلفة من سبع شركات نفطية عالمية استولت آنذاك على أسواق النفط وسيطرت عليها سيطرة محكمة، حيث كانت تتحكم هذه المجموعة بالكميات المستخرجة والإنتاج والصادرات، وتحكمت في الأسعار والجهات المستفيدة من هذه الثروة الأساسية والاستراتيجية لنمو أي دولة وتطورها في شتى المجالات. من الأخوات السبع التي لا تزال عاملة اليوم: شركة إكسون موبيل وشيفرون ورويال داتش شل وبريتش بتروليوم. السبب الرئيس والدافع الحقيقي لتأسيس "أوبك" ليس كما تدعي بعض الجهات ذات المصالح الشخصية، أو الإعلام الموجه أنها منظمة احتكارية تهدف إلى التحكم بأسواق النفط وأسعاره لمصلحة أعضائها فقط، بل أسست لتنسيق وتوحيد السياسات البترولية للدول الأعضاء، وضمان استقرار أسواق النفط من أجل تأمين إمدادات فعالة واقتصادية ومنتظمة من النفط للمستهلكين، وتحقيق دخل ثابت للمنتجين وعادل بالنسبة إلى العائد على رأس المال المستثمرين في صناعة النفط. دور أعضاء "أوبك" المحوري هو مراقبة أسواق النفط لاتخاذ القرارات المناسبة والتوافقية إما برفع إنتاج النفط أو خفضه، وذلك للحفاظ على الأسعار وإحداث توازن بين العرض والطلب تستقر على ضوئه الأسعار في نطاق مناسب ومجد للمنتجين والمستهلكين. عندما نتحدث عن "أوبك" وسياستها وأهدافها، فلا بد أن نسلط الضوء على المملكة فهي قائدها الأكثر تأثيرا وثقلا، بل صمام أمان الأمن الطاقي العالمي بأسره، وهذا ليس كلاما مرسلا بل حقيقة جلية تزداد تجليا عند وقوع الأزمات التي تعصف بأسواق النفط، وسأسلط الضوء على قليل من كثير من مواقفها في هذه السلسلة من المقالات. سياسة إنتاج النفط السعودي تتسق مع سياسة "أوبك"، بل تقودها فهي سياسة معتدلة ومتساوية تراعي مصالح جميع الأطراف والقوى، وتوازن بين الحاضر والمستقبل بهدف استقرار أسواق النفط بالموازنة بين العرض والطلب، اعتمادا على ما تملكه من احتياطيات ضخمة، وطاقة إنتاجية عالية، وطاقة فائضة تمكنها من تلبية الطلب العالمي مع تفادي وجود فائض في العرض قد يؤدي إلى انهيار الأسعار في الأسواق، التي تسعى المملكة إلى المحافظة على استقرارها. المحافظة على أسعار معقولة تحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء هدف رئيس للسعودية وكذلك "أوبك"، ليسهم هذا التوازن في نمو الاقتصاد العالمي، خصوصا اقتصادات الدول النامية، وتحقيق عوائد مناسبة للصناعة البترولية العالمية لتحفيزها على مزيد من الاستكشاف، والإنتاج لتلبية الطلب المتنامي على النفط. مواقف تاريخية سجلتها "أوبك"، ومواقف نعيشها الآن في ظل جائحة كورونا كوفيد - 19 سيسجلها التاريخ بلا شك، هل غيرت قناعات مناهضي "أوبك"؟ فصوتهم أصبح منخفضا لا نكاد نسمعه. جواب هذا السؤال هو محور المقال المقبل بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي