اختراعات عسكرية للسلم
منذ أن نزل الإنسان على الأرض وهو يصارع من أجل البقاء، وكلما زاد عدد البشر، زادت الصراعات والحروب، لذا كانت الحاجة إلى الأسلحة قوية وملحة، إما للغزو وإما للدفاع عن النفس، مرت الصناعات العسكرية بتاريخ طويل من الاختراعات والإنجازات، التي نجني ثمرتها اليوم، فهي لم تقتصر على تطوير وتحسين التكتيكات والمهام العسكرية فقط، بل انتشرت بين المدنيين، ولم نعد نستغن عنها أبدا في حياتنا اليومية.
ومن هذه الاختراعات، التي لن يخطر على بالك أن أساسها اختراع عسكري، "الإنترنت"، التي لا يمكن أن تتخيل حياتك من دونها، وتستخدمها في جميع حالاتك للمعرفة وللترفيه وفي العمل وللتواصل. في عام 1969، ظهرت أول شبكة حاسوب "أربانت"، التي تشبه إلى حد كبير شبكة الإنترنت الحديثة. كانت تغطي مكانا واحدا. طورت لتستخدم على نطاق واسع شمل العالم بأكمله.
أما "سيارة الإسعاف"، فاخترعها نابليون أثناء حملته العسكرية ضد إنجلترا، فكانت الحاجة ماسة لوجود رعاية طبية في الوقت المناسب، للتقليل من معدل وفيات الجنود الجرحى بشكل كبير. وكانت سيارة الإسعاف - آنذاك - عبارة عن عربة نقل مزودة بكل ما هو ضروري للنقل السريع والآمن للجنود. لقد غير هذا الاختراع مجرى الحرب بشكل كامل.
والـ"جي بي إس"، أو نظام التموضع العالمي الموجود في كل سيارة في الوقت الراهن، هو في الحقيقة اختراع لأغراض عسكرية. وقد طور هذا النظام في الولايات المتحدة عام 1964 خلال تفاقم الأزمة الكوبية، وأمريكا تستعد لحرب محتملة مع الاتحاد السوفياتي. لذا، كانت الحاجة ملحة لتسهيل تنقل الجنود أثناء الغارات والهجمات بين التضاريس والمناطق غير المألوفة بالنسبة إليهم. وفي الوقت الحالي، يتم تخصيص نحو مليار دولار لصيانة أنظمة الأقمار الصناعية، التي توفر لنا خدمة الـ"جي بي إس" لتسهيل تنقلاتنا.
ويعود اختراع "الشريط اللاصق" في الأصل إلى القوات العسكرية عام 1943، من أجل حزم الذخائر العسكرية، رغم أنه لم يستخدم بالفعل، نظرا إلى تخوف القيادات العسكرية. أما اليوم، فأصبح الشريط اللاصق من الأدوات التي لا غنى عنها في حياتنا اليومية، لتغليف البضائع والنقل والتخزين الآمن، وكثير من الاحتياجات لهذا الاختراع البسيط الفعال.
وعندما تشعر بالجوع آخر الليل وتحتاج إلى تسخين طعامك، ستتجه فورا إلى المايكروويف، الذي لا يكاد يخلو بيت منه، ولن يدور بخلدك أن أساسه اختراع عسكري ابتكره المهندس بيرسي سبنسر عام 1946، ليصبح اختراعه أساسا لعمل أفران المايكروويف، التي كانت تستخدم لأغراض عسكرية فقط، لكن بعد عام واحد بدأ استخدامه الشعبي.