رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إدارة العمليات خارج غرفة العمليات

يعتقد بعضهم أن مفهوم العمليات شيء خاص بالمستشفيات يحدث في غرف الجراحة، أو ربما يعود آخرون بالفكرة إلى منصة التشغيل الرئيسة في مصنع ضخم ممتلئ بعمليات تصنيع متكررة تحدث بشكل هائل يستوجب الإدارة الدقيقة والمنظمة. والحقيقة أن مفهوم العمليات وإدارتها يكاد يكون موجودا في كل ممارساتنا الحياتية، وهو موجود بلا استثناء في كل "بزنس" وعمل منظم. أعمال البيع عمليات وأعمال الدعم والإدارة عمليات والصيانة كذلك عمليات. فما العمليات؟ ولماذا من المهم أن نتمكن من تصنيف العمليات في مكان العمل وتسميتها بشكلها الصحيح؟.
يقصد بالعمليات كل ممارسة قابلة للتكرار والخضوع لمعايير الضبط والتحسين. وهذا يعني دون استثناء كل الممارسات الإدارية والفنية في كل أنواع المنظمات بلا استثناء. مفرد كلمة عمليات عملية، ومن مرادفاتها في السياق ذاته كلمات أخرى مثل إجراء، طريقة، تعامل، صفقة، عمل، نشاط، وما إلى ذلك. يجدر الاهتمام بهذه الممارسات وتحديدها وتصنيفها لسبب أساسي مهم، وهو القدرة على التحكم فيها بما يكفل تحسينها ورفع معدل الاستفادة منها، وتطبيقها بأسلوب يساعد على نجاحها في تأدية الغرض منها.
مما لا يغيب عن أحد، أن كثيرا من الأفكار الرائعة تفقد قيمتها بسبب سوء التطبيق، هناك مشاريع ضخمة تتبخر وتختفي مع الوقت لأن نتائج أعمالها لم تلق رضا المستفيدين منها. وربما يبذل الموظف الممارس جهودا عظيمة لا يراها أحد، بل إن حتى محاولات تحسين الواقع داخل أماكن العمل، والأتمتة، وتسريع الإجراءات، والتطوير المؤسسي، وإدارة الجودة، تذهب مع الريح إذا لم يكن النطاق الخاص بالعمليات وأنواعها وأدوارها واضحا ومحددا. يتحول كثير من العمليات مع الوقت إلى قصص فاشلة لا يذكرها أحد، أو أخطاء فادحة يخفيها المخطئ والمسؤول المباشر والمدير الكبير، لماذا؟ لأن تبريرها صعب وسردها مؤلم وذكراها تعيسة. خصوصا إذا لم يتمكنوا من تجاوزها بالحل والتعلم. السبب؟ لم يعاملها أحد بأنها مجموعة من العمليات التي تستوجب التصنيف والتحديد والتحسين والمتابعة، ولم تأخذ بكل بساطة الاهتمام المطلوب.
رغم أن مفهوم إدارة العمليات بدأ تاريخيا مع تطور الحضارات القديمة قبل آلاف الأعوام بالتوافق مع تسجيل عمليات البيع والشراء وتنظيم الزراعة وتخطيط وتنظيم عمليات البناء، إلا أن شكله الحاضر بدأ فعليا مع الثورة الصناعية ومراحلها المختلفة، خصوصا عندما ارتبط الإنتاج بقياس الأداء وضبطه، فتطورت طرق قياس المهام وتنظيم العمالة. ومن هناك، انتقل المفهوم إلى الخدمات وتحسينها، فتحول من ممارسات خاصة بالتصنيع وتحويل المواد إلى مفهوم شامل ينظم سوق الخدمات مثل أعمال المصارف والتعليم والنقل. وبلغ ذروة تطوره في ذلك الحين مع خط تجميع السيارات المتحرك الذي بادر به هنري فورد في بداية القرن الـ 20، ثم أسهمت التطورات العلمية الهندسية والإحصائية تحديدا في تطويره، ودمج ذلك مع العلوم السلوكية وانتهى الواقع بجموح لا حدود له من الأتمتة والذكاء الاصطناعي تحسينا للعمل والعمليات.
ورغم المرحلة المتقدمة التي وصلت إليها ممارسات إدارة العمليات على كل المستويات وفي جميع إدارات العمل المنظم - ماليا وتسويقيا وتشغيليا وفنيا - إلا أن كثيرا من الفرق والمنظمات تعيش في عالم آخر. في دنيا من العمليات لكن يعيشون أيامها بلا إدارة، وفي عالم من الأعمال لكن إنتاجهم بلا قيمة. تسمع بالعمل المؤسسي وترى الهدر والخطأ والإحباط، وربما الاختلاس كذلك، ستجد من يقود التحول في منظمته وهو لم يسهم يوما في تحسين إجراء مهم بشكل صحيح، ستراه يحرص على تدشين الإنجازات ويصنع أثناء ذلك، وهو منطلق كالعادة، العزلة والتردي بين القسم والقسم والفريق والفريق الآخر. قيمة المنظمات ليست في شكلها ولا رسالتها فقط، وإنما في قدرتها على صنع الكل الأكبر من مجموع الأجزاء المتفرقة، على صنع القيمة التي تكون بجودة معتبرة محددة الملامح، على التميز والامتياز في رفع مستوى المخرجات، على الابتكار والتحسين والتطوير لعمل منتج يشهد له الموظف قبل العميل. وهذا هو فحوى العمل المنظم، الذي يجيد قادته السيطرة على طبيعة عملياته، ويعرفون كيف ينقلونها من مستوى لآخر يحسن بشكل مستمر من نتائج أعمالهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي