هل يسقط الدولار الكلي القدرة؟ «2 من 2»
يظل الاقتصاد الأمريكي محتفظا بديناميكيته وقدرته على المنافسة في عديد من الصناعات الرائدة، مثل التكنولوجيا، والتكنولوجيا الحيوية، والمستحضرات الصيدلانية، والرعاية الصحية، والخدمات المالية المتقدمة، التي ستستمر جميعها في اجتذاب تدفقات رأس المال من الخارج. إن أي دولة تنافس الولايات المتحدة على مركزها، يتعين عليها أن تسأل نفسها ما إذا كانت تريد حقا أن تنتهي بها الحال إلى امتلاك عملة قوية مع كل ما يرتبط بذلك من عجز كبير في الحساب الجاري، الذي يأتي مع تلبية الطلب العالمي على الأصول الآمنة "السندات الحكومية". يبدو هذا السيناريو غير جاذب إلى حد كبير في نظر أوروبا، أو اليابان، أو الصين، حيث تشكل الصادرات القوية أهمية مركزية للنمو الاقتصادي. وفي ظل الظروف الحالية، من المرجح أن تحافظ الولايات المتحدة على "امتيازها الباهظ" بعدها الدولة المصـدرة للديون الآمنة طويلة الأجل، التي يريدها المستثمرون من القطاعين العام والخاص في محافظهم.
السؤال إذن هو، ما العوامل التي قد تقوض المركز العالمي الذي يتمتع به الدولار بمرور الوقت؟ إذا استمرت الولايات المتحدة في تحويل عجز الموازنة الضخم إلى نقود، على النحو الذي يغذي بدوره عجزا خارجيا ضخما، فإن ارتفاع التضخم في نهاية المطاف ربما يخفض قيمة الدولار ويضعف جاذبيته بوصفه عملة احتياطية. وعلى ضوء المزيج الحالي من السياسات الاقتصادية الأمريكية، فإن هذا يعد خطرا متناميا.
يتمثل خطر آخر في خسارة الدولار الأمريكي هيمنته الجيوسياسية، وهذا واحد من الأسباب الرئيسة وراء استخدام عديد من الدول الدولار في المقام الأول. لا شيء جديد حول كون العملة المهيمنة هي العملة الاحتياطية العالمية. وكانت هذه الحال مع إسبانيا في القرن الـ16، والهولنديين في القرن الـ17، وفرنسا في القرن الـ18، وبريطانيا العظمى في القرن الـ19. وإذا جلبت العقود المقبلة ما يسميه كثيرون بالفعل "القرن الصيني"، فربما يضمحل الدولار في حين يرتفع الرنمينبي.
قد يفضي استخدام الدولار كسلاح من خلال العقوبات التجارية، والمالية، والتكنولوجية، إلى التعجيل بعملية الانتقال. حتى إذا انتخب الأمريكيون رئيسا جديدا في تشرين الثاني (نوفمبر)، فمن المرجح أن تستمر هذه السياسات، مع تحول الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين إلى اتجاه طويل الأمد، مع حرص خصمي الولايات المتحدة الاستراتيجيين "الصين وروسيا" وحلفائها على حد سواء، على التنويع بعيدا عن الأصول الدولارية التي قد تفرض عليها العقوبات أو تصادر.
في الوقت ذاته، كانت الصين تعرض قدرا أكبر من المرونة في سعر صرف عملتها، وتخفف تدريجيا بعض ضوابط رأس المال، وتوجد أسواق ديون أكثر عمقا. كما أقنعت الصين عددا أكبر من شركاء التجارة والاستثمار باستخدام الرنمينبي وحدة محاسبة، ووسيلة للدفع، ومخزن للقيمة، بما في ذلك في هيئة أصول أجنبية. وهي تبني نظاما بديلا لجمعية المعاملات المالية بين المصارف العالمية التي يقودها الغرب SWIFT، وتعمل على إصدار الرنمينبي الرقمي، الذي يمكن تدويله في نهاية المطاف. وتقوم شركات الصين التكنولوجية العملاقة بإنشاء منصات ضخمة للتجارة الإلكترونية والمدفوعات الرقمية Alipay وWeChat Pay، التي يمكن أن تتبناها دول أخرى باستخدام عملاتها المحلية.
وعلى هذا، ففي حين لا يزال وضع الدولار آمنا في الوقت الحالي، فإنه يواجه تحديات كبيرة في الأعوام والعقود المقبلة. صحيح أنه لا النظام الاقتصادي الصيني "رأسمالية الدولة في ظل ضوابط رأسمالية"، ولا نظامها السياسي التكنوقراطي الاستبدادي يحظى بقدر كبير من الجاذبية في الغرب. لكن النموذج الصيني أصبح بالفعل جاذبا إلى حد كبير في نظر عديد من الأسواق الناشئة والدول الأقل ديمقراطية. بمرور الوقت، مع توسع قوة الصين الاقتصادية، والمالية، والتكنولوجية، والجيوسياسية، ربما تنجح عملتها في شن غزوات ناجحة في أجزاء متزايدة من العالم.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.