رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التنقيب عن فرص الاستثمار الصناعي

اذا كنت تتساءل كيف رفع عدد من الدول مكانتها في الاقتصاد العالمي، فعليك التفكير في دراسة الشركات الصناعية في تلك الدول، لأن المنشآت الصناعية تعد مكونا أساسيا في هيكل أي اقتصاد متطور بمعدل لا يقل عن 30 في المائة من المشاركة في الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك الدول التي تتفوق في القطاعات الخدمية والأبحاث والابتكار، إلا أن من الملاحظ أن الدول التي تعتمد على هيكل الصناعة الاستخراجية لا تتقدم في مؤشرات الصناعة، أما نحن في المملكة فنجحنا في تأسيس صناعات تحويلية ضخمة وعالمية، خصوصا في الصناعات المرتبطة بالنفط في مجال البتروكيماويات، وكذلك لدينا حاليا اتجاهات واضحة في الصناعات العسكرية والتعدينية، في حين أن الصناعات الأخرى، التي يفترض أن يقوم بها القطاع الخاص لا تشكل وزنا نسبيا يذكر في الناتج المحلي الإجمالي.
بالنظر إلى الممكنات الهيكلية في المجال الصناعي، بما في ذلك الخدمات اللوجستية الأساسية والمنافذ البحرية والطرقات البرية، جميعها متاحة، كما أن المواد البتروكيماوية، التي تنتجها المصانع السعودية الكبرى أيضا، متوافرة بكثافة في الاقتصاد السعودي، التي غالبا تصدر للخارج وتعود في صورة منتجات كاملة التصنيع عبر فاتورة واردات سلعية ضخمة.
تستأثر الصين وأمريكا والإمارات والهند وفرنسا وإيطاليا وكوريا الجنوبية، بفاتورة الواردات الأكبر في الميزان التجاري السعودي، وعند تحليل فاتورة الواردات الكلية لجميع الدول، نجد أن الواردات تتشكل 2 في المائة مواد خادم، و22 في المائة نصف مصنعة، و76 في المائة منتجات نهائية ومصنعة، وهذا يكشف لنا عن أن فاتورة الواردات السلعية تحتاج إلى تنقيب معلوماتي لاكتشاف فرص استثمارية صناعية صغيرة ومتوسطة يمكن عرضها لصغار المستثمرين ودعمها بالتمويل الحكومي والجمركي، إضافة إلى دعهما بكشف المعلومات الجمركية وتحويلها إلى مبادرات استثمارية.
أعتقد أن عمليات التنقيب عن الفرص الاستثمارية الصناعية عبر فاتورة الواردات، ليس أمرا صعبا على وزارة الصناعة والثروة المعدنية، وهيئتي الجمارك والمحتوى المحلي، إنما التحدي الحقيقي يكمن في ضعف ثقافة الاستثمار الصناعي وفقدان مجتمع الأعمال للخبرة التراكمية في مجال الصناعة.
خلال الأعوام الماضية توصلنا إلى رسم مسارات استراتيجية في اقتصادنا الوطني عبر رؤية المملكة 2030، أما في المرحلة الحالية فعلينا التفكير في كيفية دعم الصناعة التي يقودها القطاع الخاص الصغير، عبر صغار وكبار المستثمرين، ولا يمكننا القيام بذلك ما لم نصبح أكثر انفتاحا على حقيقة أن معظم المستثمرين لا يعرفون شيئا عن الصناعة ولا سيما الجيل الحالي، لذا نحن بحاجة إلى تصميم مشاريع صناعية مربحة استثماريا عبر ذراع استثمارية شبه حكومية، ثم بيعها إلى القطاع الخاص، إضافة إلى تقديم التمويل وزيادة الوعي العام بالمشاريع الصناعية، ومشاركة تلك المنتجات الوطنية في المعارض الدولية، ودعم الشراكات بين المصانع الأجنبية ومشاريعنا الصناعية الجديدة، التي تستهدف تخفيف فاتورة الواردات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي