كورونا فيروس الإعلام الجديد

أربكت كورونا الحياة وأعادت تموضع أمور شتى، والإعلام أحدها، فتسلط على أدواته وأخضعها لاختبار قسري هو الأول بهذه القسوة لإعلام الأفراد أو "مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي".
ما يحمد في مكروه الأزمة عودة ثقة الجماهير بالإعلام التقليدي وأدواته، بعد ردح من تسيد المشاهير المشهد، وهذا لا يعكس أن أحدا منهما كان ناجحا ثم فشل، أو عاجزا ثم اقتدر، إنما رجحان قيمة المهنية لدى الجماهير الباحثة عن الحقائق، واللاهثة عن الطمأنينة، فانحازت جبلة للتقليدي، "واختشت" منصات التواصل من نفسها، فنظمت فوضاها، ونظفت محتواها بقوانين صارمة تحيد المظلل، وحراس لكشف التحايل والخداع واستغلال الوباء في وضع يؤكد أن الأزمة أكبر من إعلام الأفراد.
الحب الغابر والعائد بين الجمهور وإعلامه التقليدي، لم يكن وليد صدفة أو حالة عاطفية، إنما للصدمة التي تلقاها بعد الأداء المشوه والظهور الهزيل لبعض المشاهير مطلع الأزمة، مقابل الشفافية والوفرة في المعلومات والوضوح والسرعة في المنهج والأسلوب للإعلام التقليدي.
تعالت الأصوات بداية الوباء بإبطال دور إعلام المشاهير، وهذه دعوة لا تخلو من قصر نظر، لأنها ستوجد صراعا بينيا، إنما الدعوة إلى استثمار هذه الأدوات، وتمهين المشاهير، وتمتين محتواهم، ومعالجة القصور، الفنية والمهنية، الناتجة عن حداثة التجربة وضعف الهيكل البنيوي.
حالة النشوة عند البعض بالإعلام التقليدي، أو التشفي من مشاهير منصات التواصل، غير مبررة، إذ علينا الاعتراف بأن المؤسسة الحكومية، وأعني وزارة الصحة، صنعت ثقافة تواصلية كانت غائبة، والأزمة وإن كانت قاسية، لكنها شخصت فيروسا في الإعلام القديم والجديد، وبات على المعنيين اكتشاف لقاح يعزز إبداع الأول، ويقوي مناعة الثاني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي