عواصف التستر التجاري
خلال نحو سبعة أشهر من هذا العام قامت عصابة بتحويل 500 مليون ريال إلى خارج المملكة بطرق غير نظامية. هذا النزف المالي يمثل حالة واحدة فقط، ويعكس جانبا من صورة تسعى الحكومة إلى تغييرها.
المؤلم أن هناك مواطنين ومواطنات يتورطون في هذا المسلك غير النظامي عن قصد أو غير قصد. والحقيقة أنه طالما التستر مستمر فإن الضرر الناتج عنه يتزايد. شرطة الرياض كشفت هذا الأسبوع عن استيقاف ثمانية أشخاص مارسوا تحويل الأموال إلى خارج المملكة بشكل غير نظامي. وهذه التحويلات تمت بمساعدة ثلاثة مواطنين تم ضبطهم ضمن الثمانية، حيث تستر الثلاثة على الخمسة الآخرين وأتاحوا لهم التحويل عبر حسابات بنكية لمؤسسات فردية مسجلة بأسمائهم مقابل عمولات مالية.
جهود الجهات الأمنية والمالية التي أسهمت في تحقيق هذا الإنجاز الوطني مشكورة، ولكن لا بد من الاعتراف بأن طوفان التستر كبير، والمطلوب أن يتنبه المتستر إلى أنه سيجد نفسه في مواجهة عقوبات مثل هذا الأمر، فالمتستر عندما يجعل نفسه غطاء للمتستر عليهم، فإنهم يستغلونه في ممارسات غير نظامية تبدأ بغسيل وتحويل الأموال، وقد تصل إلى السعي إلى تهريب المخدرات للمملكة على هيئة بضائع باسمه، وهو في الأغلب لا يعلم إلا عندما يتم ضبط المخدرات ليتحول بعدها إلى متهم يواجه عقوبات مشددة. نظام مكافحة التستر الجديد، الذي أقره مجلس الوزراء أخيرا، يهدف إلى التضييق على سبل حصول التستر التجاري، وتغليظ العقوبة فيه.
مساعي المملكة للحد من كل ذلك رافقه حزمة من الإجراءات التي تسعى إلى تجفيف منابع التسرب، ومن هذه الوسائل الإلزام بإتاحة قنوات الدفع الإلكتروني في جميع نوافذ البيع، إضافة إلى الجهود المشهودة التي تبذلها الجهات الرقابية الأخرى التي ترصد عمليات غسيل الأموال والتحويل إلى الخارج عبر قنوات غير رسمية. لكن كل هذه الجهود لن تستطيع أن تحقق أهدافها ما لم يكن المواطن متفاعلا معها. إن الإبلاغ عن التستر والمتسترين عتبة أساسية لتطويق الظاهرة والقضاء عليها.