رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الابتكار المحرك للاقتصادات المعاصرة «2 من 2»

من الطبيعي أن يشكل الوسط الثقافي والاجتماعي المحيط أولويات شركات الابتكار. لكن بحثا حديثا لجوش ليرنر الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال ورامانا ناندا قاس مدى بعد قيم وأولويات تلك الشركات عن قيم وأولويات الأشخاص العاديين.
يلعب رأس المال المخاطر في الولايات المتحدة دورا غير متكافئ في تمويل ابتكارات الشركات الناشئة، إذ يغلب على صناعة رأس المال المخاطر التركز الشديد حيث يشكل أعلى 5 في المائة من المستثمرين نسبة 50 في المائة من رأس المال المجموع.
كما تستأثر ثلاثة أقاليم وهي منطقة خليج سان فرانسيسكو، ونيويورك الكبرى، وبوسطن الكبرى بثلثي الصناعة وأكثر من 90 في المائة من عضوية مجالس إدارات الشركات الكبرى، علما أن نفوذ كبرى شركات رأس المال المخاطر يمتد لأمور أبعد لأنها غالبا تتحكم في دخول مستثمرين آخرين إلى الصناعة.
كما تعد الخلفية الاجتماعية والتعليمية لصناع القرارات المتعلقة بالاستثمار متشابهة. فقد لاحظ ليرنر وناندا أن ثلاثة أرباع الشركاء الذين يحظون بمقعد واحد على الأقل في مجالس إدارات كبرى شركات رأس المال المخاطر قد درسوا في جامعات رابطة أيفي، أو معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أو جامعة ستانفورد. أما ثلث هؤلاء تقريبا فتخرجوا في اثنتين من كليات الأعمال لا ثالث لهما هارفارد وستانفورد. وسيكون من المفاجئ عدم تأثر قرارات التمويل التي اتخذتها تلك الفئة بتكوينها الاجتماعي.
يشير ليرنر وناندا إلى احتمالية تسبب التركز الجغرافي لشركات رأس المال المخاطر في تفريغ جوهر أنشطة الابتكار في أجزاء أخرى من الدولة، قائلين "ربما اختارت شركات رأس المال المخاطر الموجودة في مدن أخرى شركات ذات طابع مختلف تماما للاستثمار فيها، وفقا لمناظيرها للاقتصادات المحلية".
كذلك تهيمن الأولويات المنحازة على برامج الابتكار العامة إذ تعد وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتطورة "داربا"، وهي موجهة للتطبيقات العسكرية كما يشير الاسم، أكبر برنامج لدعم الابتكارات عالية التقنية في الولايات المتحدة. ورغم ما أثمرت عنه مشاريع تلك الوكالة من فوائد للمدنيين أيضا ولا سيما الإنترنت ونظام تحديد المواقع، فإن الاعتبارات الدفاعية هي التي تشكل بوضوح أولويات الوكالة.
أما نظيرة وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتطورة في مجال تقنيات الطاقة النظيفة وهي وكالة مشاريع البحوث المتطورة للطاقة، فتحصل بالكاد على عشر ميزانية الأولى. وربما يكمن التقصير الأكبر في أنه لا توجد لدى أي حكومة حاليا برامج مخصصة لتمويل تطوير تكنولوجيات صديقة للعمالة البشرية.
إذا كان الهدف من الابتكار التكنولوجي خدمة المجتمع، فلا بد أن يعكس الاتجاه الذي يسلكه أولويات المجتمع. ولقد تخلت الحكومات عن مسؤوليتها في هذا الصدد، نظرا للاعتقاد السائد بصعوبة تغيير مجرى التكنولوجيا. لكننا لم نحاول بالقدر الكافي تقريبا توجيه دفة التكنولوجيا في الاتجاهات الصحيحة. فالابتكار أهم من أن نترك أمره بيد شركات الابتكار وحدها.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي