رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل أصبح الاستثمار في الملاذات الآمنة مخاطرة؟

ما يسمى الملاذات الآمنة، هي مجموعة من الأدوات التي يعدها المستثمرون مكانا آمنا للثروات وقت الأزمات. ولعل أشهرها الذهب، وإن كان يدرج معه بعض العملات مثل الدولار والين الياباني والفرنك السويسري، إضافة إلى بعض السندات السيادية التي تصدرها حكومات لديها تصنيف عال، مثل السندات الأمريكية. وهذه الأدوات التي توصف بأنها ملاذات آمنة، يقبل عليها المستثمرون في وقت الأزمات، سواء الاقتصادية أو ما نشهده اليوم من أزمة يمكن أن توصف بأنها صحية أو حتى خلال الحروب التي تؤدي إلى تقلبات عالية في الأسواق ويكون خلالها المستثمر في حالة عدم يقين تجاه حركة الأسواق فيلجأ إلى الأدوات الأكثر أمانا إلى أن تعود الأسواق إلى الاستقرار نسبيا فتنتعش استثماراتها.
خلال الفترة الماضية، تمت ملاحظة الارتفاع الكبير في أسعار الذهب، الذي يختلف عن غيره من الملاذات الآمنة التي سبق الإشارة إليها، بأنه يمكن أن يحقق شيئا من الاستقرار مقابل التضخم، إذ يتميز الذهب بأنه يحقق شيئا من التوازن مقابل التضخم المتوقع بسبب التيسير النقدي الذي يلجأ إليه بعض الدول، بسبب ضعف نشاط الأسواق الذي يؤدي تلقائيا إلى تضخم في الأسعار ويرتفع حينها الذهب، فلا يظهر أثر للتضخم عمليا لمن يمتلكه. ولعل استمرار الأزمة الصحية وعدم اليقين في العالم تجاه قدرة الخبراء على إنتاج لقاح لمواجهة جائحة كورونا واستمرار انتشاره في دول العالم، جعل البعض يميل إلى أن يحول جزءا من ثروته في الملاذات الآمنة انتظارا لما سيحدث مستقبلا.
إلا أن الملاحظ فيما يتعلق بالذهب خصوصا دونا عن الأدوات الأخرى، أن هناك ارتفاعات كبيرة جدا في أسعاره، بل إن بعض الشركات المالية المختصة تتوقع قفزات سعرية للذهب في المستقبل القريب، فقد أوصل البعض الأسعار المتوقعة مستقبلا إلى ثلاثة آلاف دولار وأكثر، باعتبار أن الأزمة ما زالت مستمرة ولا توجد مؤشرات فعلية على أن هناك حلولا قريبة جدا، ما يعزز الإقبال أكثر على شراء الذهب خصوصا، إذ إن تضاعف سعره تقريبا يدعو إلى القلق أكثر من الأمان استثماريا، ويأتي ذلك تزامنا مع التحسن الملحوظ للأسواق، سواء أسواق النفط والطاقة أو أسواق الأسهم، حيث تجاوزت أسعار الذهب عتبة الألفي دولار للأونصة، بعد أن كان لا يتجاوز 1200 دولار تقريبا، ما يجعل المستثمر في النطاق السعري الجديد أكثر قلقا. ومن هنا تأتي أهمية إعادة النظر إلى الاستثمار في الذهب في ظل هذه الأزمة، إذ إن التفاؤل في العالم قائم، حيث إن هذه الأوبئة عبارة عن أزمة قد لا تتجاوز مدة معينة. وتاريخيا، تحل مثل هذه الأزمات على البشر وتحدث كثيرا من الآثار، لكن لها مدة وتنتهي - بإذن الله. كما أن الدول اليوم بدأت تميل إلى فتح الأسواق مع الالتزام بإجراءات محددة للحد من انتشار الوباء حتى لو لم يتم القضاء عليه في المستقبل القريب، وحزم التحفيز الهائلة التي تقدمها دول العالم لاقتصاداتها كان لها دور في انتعاش الأسواق والاتجاه إلى التعافي نسبيا لبعض القطاعات. ومن هنا، قد تكون الخطورة في الاستثمار فيما يسمى الملاذ الآمن، وهو الذهب، الأكثر خطورة. ومن الملاحظ، أن معادن أخرى مثل الفضة، قد شهد ارتفاعات هائلة مجاريا الذهب، وهذا قد يكون شكلا من المضاربات على هذين المعدنين النفيسين ولا يعد مؤشرا بالضرورة على مزيد من الارتفاعات في المستقبل، إذ إن الوصول إلى لقاح لمرض كوفيد - 19، أو وجود دلائل على تعافي الأسواق، قد يعود بأسعار الذهب إلى أقل من الأسعار الحالية بشكل ملحوظ، مع تحول الاستثمارات إلى الأسواق، مثل الأسهم وغيرها، بما يؤدي بالمستثمر في الذهب إلى الاضطرار للبيع بخسائر كبيرة. يبقى أن هناك ما يسمى ملاذات آمنة أخرى لم تشهد ارتفاعات كبيرة، مثل الين الياباني والفرنك السويسري، وهذا يعزز مستوى المخاطرة في الاستثمار في الذهب.
الخلاصة: إن الارتفاعات الكبيرة أخيرا في أسعار الذهب في ظل تحسن ملحوظ للأسواق في العالم ووجود تفاؤل نسبي من المستثمرين، تجعل الاستثمار في الذهب مقلقا أكثر من أن يكون أكثر أمانا. فالارتفاعات الحالية والتقلبات السعرية ارتفاعا وهبوطا، تدعو إلى القلق، فيما يتعلق بأسعار الذهب من جهة استدامة تعافي الأسواق بسبب عدم اليقين في الوصول إلى نهاية لأزمة كوفيد - 19.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي