مسؤولية المشاهير
انتشرت خلال الأسابيع الماضية مجموعة من القصص والتصريحات في وسائل التواصل والإعلام عن علاقات مشبوهة ومخالفات قانونية ارتكبها بعض مشاهير وسائل التواصل، وهي حالة قد تكون منتشرة في دول كثيرة أخرى، وإنما ركزت أجهزة الرقابة في دول معينة على تلك العلاقات والمخالفات بشكل أكثر وضوحا، وتداولها المتابعون لتصبح قضايا رأي عام.
تأتي هذه النتيجة الحتمية مؤكدة لنظريات علم النفس والاجتماع والاقتصاد، حيث يتحول الشخص البسيط الذي يستمتع بأمر ما أو تطبيق معين إلى هدف لمن يحاولون الولوج في قلوب وعقول المتابعين الذين توجد بينهم وبين هذا الشخص علاقة ثقة أو إعجاب. يمارس كثير من منظمات الجريمة عملياتها من خلال التأثير في الرأي العام، سواء تعلقت الأهداف بالحصول على الأموال السريعة دون التزام تجاه المتعاملين أو اهتمام بحياتهم، أو كانت لها توجهات أخرى تتعلق بسلامة المجتمع والدولة ككل.
يمكن أن تسمى مثل هذه السلوكيات بالقوة الناعمة التي تصل إلى مبتغاها دون الوصول إلى مرحلة الصدام المباشر. هذه القوة لها من المخاطر ما لا يمكن حصره، فالتأثير في قرارات الناس من خلال استخدام الثقة والضعف النفسي أو المجتمعي الذي يتكون نتيجة الانجذاب للأشخاص هو الجزء الأخطر في العملية برمتها. تنتشر هذه المخالفات من مجرد الدعوة إلى استخدام دواء أو منتج لم يكن للمشهور أي علم بخطورته، إلى استثارة الناس لنشر فكر معين أو رأي مخالف أو سلوك مرفوض.
على العموم، تبقى هذه العلاقة واحدة من أكثر العلاقات حداثة وخطرا، وهي تستدعي وضع الأطر المنطقية لحدودها وطرق السيطرة على المخالفات فيها. يعد الأمن السيبراني واحدا من أهم عناصر التحكم في مثل هذه العلاقات المستحدثة، وهناك أهمية واضحة لربط مجموعات المتابعين بعمليات الرقابة على الحسابات.. ما الرقم السحري الذي يستحق أن تتم الرقابة على أصحابه، وما نوعية المتابعين الأكثر هشاشة وتأثرا، وغيرهما من المعايير التي لا بد من تحديدها لتحقيق الحماية المجتمعية أمورا مهمة.
التحصين الذهني والفكري للمشاهير أمر مهم آخر، فهو يحمي المشاهير من عمليات الاستغلال التي تمارسها جهات تعمل خارج القانون أو تحاول إثارة الفتنة في المجتمع أو ترغب في نشر منتجات لم تحصل على الموافقات النظامية التي تسمح لها بدخول البلاد أو الانتشار فيها، ويوضح لهم الالتزامات والمسؤوليات القانونية والأخلاقية المتعلقة بوجودهم وتأثيرهم وما ينشرون.