الحوت
“الحوت” رواية قصيرة، يطلق عليها الغرب اسم “نوفيلا”، لكنها تتسع لما يفيض عن عدد صفحاتها، إنها تتسع للذاكرة والوعي والوحشية إلى حد الدموية والاكتشافات الأليمة الهادمة لإنسانية الإنسان، تعد “الحوت” ملحمة دموية عن مجزرة مجهولة، يكشف عنها “لوكليزيو” القناع، على نحو غير مسبوق من السرد، بلغة صافية، وأسلوب هادئ رصين، كأنه يأتي من أعماق سحيقة في الوعي والذاكرة. يتقصى “لوكليزيو” وقائع ما جرى، بلا عاطفية أو إنشائية، فيكشف عن رؤيته لماهية الوجود الإنساني، وتحولاته، والدروب الدامية التي سار فيها نحو مصير لا إنساني. ولد المؤلف جان ماري جوستاف لوكليزيو في نيس عام 1940 من أب بريطاني ذي أصل بريتوني وموريسي ومن أم فرنسية، قبل التحاقه بوالده عام 1948 في نيجيريا ربته أمه وجدته، حيث كان لتلك المرحلة أكبر تأثير في اتجاهه نحو الكتابة، فقد اكتشف فيها الكتب التي كانت تملأ المنزل العائلي، إضافة إلى أن الجدة كانت تمتلك مخزونا كبيرا من الحكايات. عند رحيله إلى نيجيريا للقاء والده الذي كان طبيبا استعماريا في الجيش البريطاني - حيث يمضي عاما -، يكتب خلال الرحلة البحرية التي أخذته إلى هناك محاولتين روائيتين، “سفر طويل”، و”أورادي الأسود”.