رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إجراءات لازمة لتعاف أكثر صلابة «2 من 2»

مع تزايد حالات الإفلاس ستواجه الحكومات اختيارات صعبة عما إذا كان ينبغي دعم الشركات وكيفية توفير هذا الدعم. ومن شأن التحليلات السليمة لتوقعات السيولة والملاءة في الشركات أن تساعد على إرشاد الحكومات عند القيام بهذه الاختيارات. فقد يكون توفير السيولة كافيا بالنسبة للأنشطة الاقتصادية التي تعاني خسائر الإيرادات بصفة مؤقتة، مثلا، بينما قد يلزم ضخ رؤوس الأموال المساهمة في حالة بعض الشركات المعسرة التي تشكل عاملا ضروريا لمكافحة الجائحة أو التي تعتمد عليها حياة وأرزاق كثيرين.
ولكن تكاليف هذا الدعم باهظة على المالية العامة وتصاعد مستويات الدين أصبح مصدرا للقلق البالغ. غير أن سحب الدعم قبل الأوان في هذه المرحلة من الأزمة تترتب عليه تكاليف أكبر من الاستمرار فيه حيثما كان ضروريا. وبطبيعة الحال، لا بد أن تكون الإجراءات محددة الأهداف وأن يتم تقييم انعكاساتها على الميزانيات مع مراعاة فعالية التكاليف واستدامة القدرة على تحمل الدين في الأجل المتوسط.
الحفاظ على الاستقرار المالي: قد تؤدي حالات فقدان الوظائف والإفلاس وإعادة هيكلة الأنشطة الاقتصادية إلى فرض تحديات جسام على القطاع المالي - بما في ذلك خسائر الائتمان على المؤسسات المالية والمستثمرين. وينبغي أن تدعم إجراءات التنظيم والرقابة مرونة استخدام هوامش رأس المال والسيولة المتوافرة على نحو يتماشى مع المعايير الدولية - الأمر الذي سيسمح بدوره بمواصلة تقديم الائتمان لمنشآت الأعمال التي تتوافر لها مقومات البقاء. وينبغي أن تظل السياسة النقدية تيسيرية حيثما تكون الفجوة بين الإنتاج الفعلي والممكن كبيرة ومعدل التضخم دون المستوى المستهدف، مثلما هو الحال في كثير من الدول أثناء الأزمة.
ومن أولويات صناع السياسات المهمة على المستوى الداخلي في الوقت الحالي ضمان قدرة أسواق المال، وأسواق الصرف الأجنبي، وأسواق الأوراق المالية على أداء مهامها بفعالية. وسيظل التنسيق بين مختلف البنوك المركزية والدعم الملائم المقدم من المؤسسات المالية الدولية مطلبين ضروريين أيضا في هذا الخصوص.
وبشأن الجهود الجماعية: اغتنام الفرص من أجل مستقبل أفضل فإن التعاون الدولي بلا شك له دور حيوي في تقليص مدة الأزمة وضمان تحقيق تعاف يتسم بالصلابة. ومن المجالات التي تصبح فيها الإجراءات الجماعية مطلبا أساسيا، ما يلي:
• ضمان توافر إمدادات الرعاية الصحية الكافية: من خلال التعاون في مجالات الإنتاج، والشراء، والتوزيع العادل للعلاجات واللقاحات الفعالة، بما في ذلك عبر الحدود.
• تجنب مزيد من التصدعات في نظام التجارة العالمي: حيث ينبغي أن تبذل الدول قصارى جهدها لبقاء سلاسل العرض العالمية مفتوحة، وتسريع جهود إصلاح منظمة التجارة العالمية، والعمل على التوصل إلى اتفاق شامل بشأن الضرائب الرقمية.
• ضمان قدرة الدول النامية على تمويل احتياجات الإنفاق الحيوية والتصدي للتحديات أمام استدامة القدرة على تحمل الدين: وفي هذا الشأن، هناك أهمية خاصة لمواصلة التقدم في تنفيذ "مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين".
• تقوية شبكة الأمان المالي العالمية: بما في ذلك النظر في إمكانية تمديد آجال خطوط تبادل العملات وتعزيز استخدام حقوق السحب الخاصة التي يصدرها الصندوق.
وقد استجاب الصندوق، من جانبه، لهذه الأزمة على نحو غير مسبوق - بما في ذلك عن طريق تقديم التمويل الطارئ إلى 72 دولة في غضون ثلاثة أشهر. ونهدف إلى بذل جهود أكبر في المرحلة الحرجة المقبلة، بدعم من دولنا الأعضاء البالغ عددها 189 دولة.
وفي هذا السياق يمكن أن نستلهم من الشاعر اللبناني العظيم، جبران خليل جبران، عندما قال: "لكي تفهم قلب الإنسان وعقله، لا تنظر إلى ما حققه، بل إلى ما يتمنى تحقيقه".
وأعتقد أنه رغم ما تسببت فيه هذه الجائحة من ألم ومعاناة، فبإمكاننا أن نتطلع إلى تغيير عالمنا. فلدينا فرصة لا تتكرر إلا مرة كل قرن لبناء مستقبل أفضل - عالم أكثر عدالة وإنصافا، وأكثر اخضرارا واستدامة وذكاء، والأهم من ذلك أكثر صلابة.
ولاغتنام هذه الفرصة وزيادة الصلابة، ينبغي التحرك لتحقيق ما يلي: أولا الاستثمار في البشر وفي التعليم، والصحة العامة، والحماية الاجتماعية، وفي منع الزيادة الحادة في عدم المساواة التي قد تتسبب فيها هذه الأزمة. ثانيا دعم النمو الذي يتسم بانخفاض الانبعاثات الكربونية والصلابة في مواجهة تغير المناخ، وذلك من خلال التوزيع الذكي لموارد الإنفاق العام. ثالثا الاستفادة من تكنولوجيا التحول الرقمي، سواء من خلال زيادة استخدام منصات الحكومة الإلكترونية لرفع الكفاءة وزيادة درجة الشفافية مع تخفيض الروتين، أو التعلم الإلكتروني عبر الإنترنت، أو العمل من بعد.
وعلى صناع السياسات في مجموعة العشرين - بل علينا جميعا ممن تتضافر جهودهم - اغتنام الفرصة لجعل هذا المستقبل حقيقة واقعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي