رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المانجروف .. الغابات المنسية

لعل أحدا لم يسمع عن تلك الشجرة العريقة ذات التاريخ المقدر بآلاف الأعوام، والقابعة على شواطئنا. تمتد جذورها وتتشابك لتثبت التربة الشاطئية وتوفر مأوى لعديد من الأسماك والحيوانات البحرية وعلى رأسها السلاحف البحرية وتتخذ منها الطيور سكنا لها وأماكن لتعشيشها، وتحط الطيور المهاجرة على أغصانها للراحة ويستفاد منها أيضا كمصدات للرياح، واستخدم لحاؤها قديما في الصباغة وخشبها للبيوت والأثاث والقوارب لصلابته وتحمله الماء ويستخدم أيضا كوقود للطهي. أما الأوراق فتجفف ليعمل منها الشاي، أو غذاء للحيوان، والثمار قد تؤكل، أما الأزهار فيستفاد منها في تربية النحل. ومن أعظم فوائدها قدرتها على تخزين كميات كبيرة من انبعاثات الكربون الضارة بالبيئة. إنها شجرة المانجروف أو القرم التي تعيش على الماء المالح.
يوجد منها نحو 80 نوعا، "أهمها القرم، القندل، والجار"، التي يعود تاريخها إلى 9800 عام، وقبل ثلاثة عقود، كانت أشجار المانجروف تشكل غابات تحاذي سواحل مدن المملكة في الشرق، مثل الدمام، سيهات، القطيف، صفوى، وصولا إلى رأس تنورة. وفي الغرب أيضا، مثل جزر فرسان، جازان، القنفذة، الليث، وجدة. لكن غابات المانجروف كادت أن تختفي كليا عن سواحل هذه المدن، بعد التوسع العمراني الذي امتد ليطول المناطق الساحلية.
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" يوم الـ26 من تموز (يوليو) من كل عام، يوما دوليا لصون النظام الإيكولوجي لغابات المانجروف، التي تتمتع بنظام إيكولوجي فريد، يسهم في حماية السواحل، ويحول دون تسرب المياه المالحة إلى المياه الجوفية، كما تحد من وطأة تغير المناخ، إذ تحتجز نحو 75 مليار طن من الكربون. وتعاني غابات المانجروف النسيان والإهمال، بخلاف أن ارتفاع مستوى سطح البحر عن ستة مليمترات يشكل خطرا يهدد نموها وقد يقضي عليها خلال الأعوام المقبلة، فمعدل ارتفاع سطح البحر تضاعف خلال الأعوام الأخيرة من 1.8 إلى 3.4 مليمتر ومستمر في الزيادة.
وشددت الدراسات على أهمية أشجار المانجروف بعدها "بالوعة الكربون" الأكثر أهمية حول العالم، مركزة على أن "تعزيز عوامل حمايتها بمنزلة إنقاذ للبيئة من أخطار زيادة نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون".
لذا ينبغي للحكومات والجمعيات والمؤسسات الدولية المعنية بحماية البيئة العمل على وقف المخاطر التي تهدد أشجار المانجروف مستقبلا، وذلك بتوفير مخزون كاف من الرسوبيات والعمل على الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وذلك من خلال الوفاء بالتزامات اتفاقية باريس للمناخ.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي