بالأرقام والدراسات .. الثقافة تدون المشهد السعودي

بالأرقام والدراسات .. الثقافة تدون المشهد السعودي
بلغ حجم سوق النشر السعودية من حيث المبيعات 4.5 مليار ريال.
بالأرقام والدراسات .. الثقافة تدون المشهد السعودي
الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان
بالأرقام والدراسات .. الثقافة تدون المشهد السعودي
التقرير: حراك إنتاج الأفلام ظل متواضعا وقائما على الجهود الفردية.

زف الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة بشرى جديدة، بعد إعلانه استحداث كلية للثقافة والفنون في جامعة الملك سعود، واستحداث تخصصات ثقافية في الجامعات السعودية، مثل درجة البكالوريوس في الفنون السينمائية في جامعة عفت، ودرجة الماجستير في الأدب المسرحي في جامعة الملك عبدالعزيز، عادّا إياها خطوة نحو النهضة الثقافية.
جاء ذلك تزامنا مع نشر وزارته تقريرا حول الحالة الثقافية في المملكة، كشفت في طياته ملامح القطاعات الثقافية الاستراتيجية، وإحصائيات وأرقاما لافتة، منها ما عرض للمرة الأولى، ليقف التقرير على مواطن القوة لتمكينها، ومواطن الضعف للاستثمار فيها وتعزيزها.
ثراء ثقافي
يقف التقرير - الصادر قبل أيام - شاهدا على حالة من الثراء الثقافي، الذي أسهم في تنمية قيمته وإعلائها آلاف المبدعين، حيث يوثق تقرير "الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2019: ملامح وإحصائيات" الإنجازات والمبادرات المتحققة خلال العام، ويرصد الاتجاهات الإبداعية والفنية والأنماط الجديدة وحالة الإنتاج الثقافي، ومعدلات المشاركة المجتمعية، ويتيحها للمؤسسات والمختصين والمعنيين بالشأن الثقافي.
الملخص التنفيذي الذي أتاحته وزارة الثقافة على موقعها الإلكتروني في 44 صفحة، استند في مقاربته لواقع الثقافة إلى مصادر متنوعة من البيانات جمعت في الربع الأخير من عام 2019، على رأسها مسح شمل عينة ممثلة 3137 فردا من جميع مناطق المملكة، إضافة إلى تقارير تم جمعها من أكثر من 50 جهة حكومية وأهلية، و83 مقابلة مع الممارسين والخبراء والمسؤولين في قطاعات الثقافة المختلفة، ليغطي مدى شاسعا من الأنشطة الثقافية، من المطبخ السعودي إلى المحميات الفطرية، ومن عروض الأزياء إلى دواوين الشعر.
الأدب واللغة
في قراءة التقرير للأدب السعودي، رصد الحالة الثقافية وحضور الأدباء السعوديين على الساحة، خصوصا في الشعر والرواية، مسجلا نوعا من الانكماش في المشهد الشعري الداخلي، إثر غياب الجوائز الأدبية الصغيرة والمتوسطة، وتواضع حضور فعاليات الأندية الأدبية، مقابل مستويات حضور أعلى للدورات وورش عمل الكتابة الإبداعية، وتصدر الرواية السعودية النشر الأدبي.
ورغم حصول ثلاثة روائيين سعوديين على الجائزة العالمية للرواية العربية منذ تأسيسها، التي تعد أهم جائزة في مجال الرواية، غاب الاهتمام سواء على مستوى الجمهور أو النقاد بالأعمال الأدبية خارج نطاق الجوائز أو الصيت الإعلامي، وربما يعود ذلك إلى غياب حركة نقدية موازية للحركة الإبداعية.
وبلغة الأرقام، شهد مجال النشر إصدار 604 كتب في الأجناس الأدبية المختلفة خلال عام واحد "1441"، منها 161 رواية، وبلغ حجم سوق النشر السعودية من حيث المبيعات 4.5 مليار ريال.
في مجال اللغة، كشف التقرير أنها افتقدت مؤسسة ذات مرجعية رسمية، حتى أنشئ مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية، ولأهمية هذا الجانب، ستدعم وزارة الثقافة اللغة عبر مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الذي لا يزال في طور النشوء.
فيما يدعم حركة الترجمة 65 كلية ومعهدا وقسما لغويا وجمعيات ومراكز مختصة باللغة العربية، وبلغ عدد الكتب المترجمة في المملكة منذ توحيدها حتى عام 2016 نحو 5463 كتابا، رصدها المرصد السعودي للترجمة، وسط اهتمام مجتمعي ملحوظ بالقراءة، إذ بلغت نسبة الأسر التي تملك مكتبة خاصة في منزلها 35 في المائة، أما عدد المكتبات على اختلاف أنواعها 2329 مكتبة.
ونالت الفنون البصرية اهتماما خاصا من المثقفين، ففي عام 2019 وحده وثق تقرير الوزارة 255 معرضا فنيا على الأقل أقيمت خلال العام، أما من يمارسون أعمالا فنية كالنحت أو الرسم "هواية أو احترافا" فكانت نسبتهم نحو 22.8 في المائة من أبناء المجتمع.
على نحو آخر، كانت الفعاليات الثقافية والمهرجانات أحد أسرع قطاعات الثقافة نموا، فقد بلغت نسبة المواطنين والمقيمين الذين حضروا فعالية أو مهرجانا واحدا على الأقل خلال العام الماضي 55 في المائة.
أفلام ومسرح
في قراءة "الاقتصادية" لتقرير وزارة الثقافة، تناولت حالة النشاط السينمائي بشفافية، فحراك إنتاج الأفلام ظل متواضعا وقائما على الجهود الفردية لأشخاص هواة، وأسهم في تنامي هذا الحراك عودة دور السينما إلى المملكة، وإنشاء كيانات جديدة لتنظيم هذه الصناعة مثل هيئة الأفلام، المجلس السعودي للأفلام، الأرشيف الوطني للأفلام، ومؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، والمسابقات المحلية.
وفي إحصائية لافتة، فإن أعداد مرتادي السينما منذ افتتاحها حتى نهاية 2019 بلغ أربعة ملايين شخص، زاروا 12 صالة تجارية مرخصة، فيما بلغ عدد الأفلام السعودية المنتجة خلال العام 101 فيلم، مصنفة بين روائية طويلة وقصيرة ووثائقية.
أما المسرح، الذي ازدهر في السبعينيات والثمانينيات، وخفت نجمه لاحقا، فعاد بدعم الهيئة العامة للترفيه، وتعكس المؤشرات وجود طلب على العروض المسرحية، في الوقت الذي يواجه فيه المسرح قلة القاعات المجهزة، وغياب الاحتراف وتخصصات المسرح عن الجامعات، وهو ما قابلته الوزارة ببرنامج الابتعاث الثقافي، وإنشاء هيئة للمسرح والفنون الأدائية.
وفي قطاع الموسيقى، لوحظ نمو ظاهرة الهواة والفرق الشبابية المستقلة، إلا أن التحدي المتمثل أمامهم غياب شركات الإنتاج، ونقص الكوادر المحلية من ملحنين وعازفين، والغياب التام للبنية التحتية الموسيقية، في حين سجلت الفرق الغنائية الشعبية 950 عضوا فيها.
مهن ثقافية
عالم الأزياء بدوره كان حاضرا كأحد القطاعات الاستراتيجية للثقافة، الذي يواجه عدة عقبات للتحول إلى صناعة وبيئة متكاملة للعمل الإبداعي، مثل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، وتحديات تتعلق بالبنية التحتية، مثل توفر التعليم والتدريب وخطوط الإنتاج ومنافذ العرض، ما يدفع أصحاب العلامات التجارية والمصممين إلى استقدام الأيدي العاملة ذات الخبرة من الخارج، والإنتاج في الخارج أيضا للحصول على الجودة المطلوبة بأسعار مناسبة.
ويعمل في هذا المجال الواعد 925 سعوديا وسعودية، فيما تقدم 11 جامعة سعودية برامج في تصميم الأزياء، وتسجل الإحصاءات إنفاق الفرد 4.3 في المائة من دخله الشهري في استهلاك الملابس والأقمشة والأحذية.
أما الطهي، فكان أحد القطاعات التي شهدت تحولا كبيرا، ولا سيما مع تزايد أعداد الطهاة السعوديين، وابتعاث 54 طالبا وطالبة لتعلم فنون الطهي، يدعم هذا التوجه تحقيق المنشآت السياحية إيرادات كبيرة من نشاط تقديم الطعام، بلغ نحو 35 في المائة من إجمالي إيراداتها لعام 2018.
وفي قطاع العمارة، دوّن التقرير إحصاءات تتعلق بعدد السعوديين الذين يعملون في مهنة مهندس معماري، وهم 8912 فردا، فيما حازت ثمانية مشاريع سعودية جائزة آغا خان العالمية للعمارة.
كنوز أثرية
تناولت وزارة الثقافة في تقرير جانبي التراث والمتاحف، ففي الأول سجلت نمو أعداد مؤسسات المجتمع المدني المعنية، إلا أنه ثمة ضعف في البنية التحتية، وتواضع في أعداد المواقع المؤهلة للزيارة، رغم وجود عدد كبير من مواقع التراث العمراني، بلغ عددها 1985 موقعا، وخمسة مواقع مسجلة ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، وسبعة عناصر من التراث الثقافي مسجلة في قائمة التراث غير المادي.
أما التراث الطبيعي، فسجل جملة من التحديات التي تواجه نموه وازدهاره، مثل الأخطار الطبيعية، وضعف البنية التحتية للسياحة البيئية.
وتشكل المتاحف تكاملا لجانب التراث، ولا سيما مع ازدياد أعداد المتاحف العامة في الأعوام الأخيرة، وبلغت 84 متحفا، إضافة إلى 217 متحفا خاصا، تشكو الضعف الشديد في تأهيلها، ولا تزال أعداد الزيارات المتحفية دون المأمول، لانخفاض الثقافة المتحفية، إذ بلغ عدد زيارات المتاحف الخاصة نحو 300 ألف زيارة خلال عام 2018.

الأكثر قراءة