كورونا في الذاكرة البشرية
الإقبال العالمي نحو العودة إلى الحياة الطبيعية الجديدة، قصة مهمة جدا. وهي ترتبط بهمة الإنسان منذ أقدم العصور.
لم تكن الحياة على الأرض في حالة انسجام عام على مر العصور. كانت هناك أوبئة، وكانت هناك حروب، وكانت هناك كوارث طبيعية... إلى آخره. كان ثمة ضحايا في كل هذه الأوضاع.
واستطاع الإنسان، بما وهبه الله من عقل وصبر ومعرفة، أن يقفز فوق هذه الأمور.
لعل أبرز قصة واجهها الإنسان، وخلدتها الكتب السماوية، قصة الطوفان الذي غمر الأرض، والسفينة التي جابت الأرض حتى انحسر الماء.
كانت تلك الرحلة، بكل ما فيها من تفاصيل، تجسد جانبا من قصة الحياة البشرية على الأرض، قصة القوة والضعف، الكثرة العددية ثم النقص ومن بعدها الزيادة. كان هذا فصل من فصول حياة البشر، التي شهدت كثيرا. وفيما يخص الأوبئة تعايش العالم مع مرض الطاعون والجدري وغيرها من الآفات. بل إنه شهد أمراضا أقل، كانت في وقتها فتاكة جدا، وهي الآن لا تعد شيئا بوجود الأدوية التي تعالجها.
وقد مرت كل هذه الفصول في حياة البشرية، لتسهم في تقديم مزيد من الفرص، لتحسين نمط الحياة. وقد أسهمت كل الحضارات الإنسانية على مر التاريخ في هذا الأمر.
هذه التأملات مهمة، ونحن نشهد هذا الشد والجذب، بين الملازمة الكاملة للمنازل وتعطيل الأعمال، وهذا مستحيل استمراره، ومع العودة إلى العمل، مع الأخذ بالاشتراطات التي تتعلق بالوقاية والحذر. خلال الأشهر الماضية، وقد تجاوز عدد المصابين بكورونا على مستوى العالم الملايين الستة، تكونت سلسلة من الخبرات والوعي. كما تشكلت احتياجات ضرورية ضاغطة لاستئناف الأعمال بمختلف أشكالها.
اليوم، يخوض العالم تجربة العودة إلى العمل والحياة بجسارة، يستمدها من ذات الروح المتوثبة، التي ترتبط بتركيبة البشر، وما وهبهم الله من دأب وحرص على عمارة الأرض.
هذه التجربة ستكون جزءا من التاريخ الإنساني. وستستحضرها الأجيال القادمة، كجزء من الإرث الإنساني والذاكرة البشرية.