أجساد تتحدى العلم

مات الثلاثاء الماضي رجل هندي يدعى "براهلاد جاني" عن عمر يناهز 90 عاما، بعد أن شغل العالم والباحثين منذ عقود، بادعائه الصوم المتواصل لأعوام، منذ أن كان عمره 11 عاما، أي نحو 79 عاما بلا ماء ولا زاد!
أدهشت حالته الأطباء وأخضعوه لفحوصات عديدة، أولها في عام 2003، حيث وضعه الدكتور سودهير في مستشفى ستيرلينج تحت المراقبة المشددة لمدة عشرة أيام، صمد فيها وكان بصحة جيدة، حتى إنه لم يقض حاجته بتاتا، إنما لوحظ تشكل للبول - أعزكم الله - في مثانته.
وفي عام 2010، أجريت دراسة أخرى عليه من قبل معهد الدفاع والعلوم الطبية DIPAS ومنظمة البحث والتطوير الدفاعية DRDO، حيث وضع في عزلة صارمة وتحت مراقبة مستمرة بالفيديو لمدة 15 يوما، وأجريت عليه جميع الفحوصات المتاحة باستخدام أحدث الأجهزة ووجدوا أن صحته وعلاماته الحيوية لم تتأثر، لكن هل هذه المدة كافية للحكم على صدق ادعائه ببقائه نحو 70 عاما بلا ماء ولا طعام.
أرجع العلماء السبب في ذلك إلى مستويات هرموني الليبتين والجريلين، وهما هرمونان مرتبطان بالشهية، وافترض باحثون من منظمة DRDO أن جاني قد يظهر شكلا متطرفا من التكيف مع التجويع والعطش. وينبع حرص العلماء على دراسة هذه الظاهرة لأهميتها الكبرى للجنود في ساحات المعارك ورواد الفضاء وضحايا الكوارث، حين يصعب توفير الطعام والشراب لهم، ويكون الاعتماد على الجسم لتغذية ذاته.
تعرف هذه الظاهرة بـ"التنفسية" أي إمكانية أن يعيش الإنسان على الهواء فقط دون ماء أو طعام ولفترات طويلة، ومن المعروف علميا أن الإنسان يستطيع أن يتحمل الجوع لأيام وقد تصل إلى أسابيع، لكنه لا يستطيع العيش دون ماء لأكثر من أربعة أيام متواصلة. تنتشر هذه الظاهرة بين المتصوفة والرهبان، وشهد التاريخ حالات كثيرة ادعى أصحابها قدرات خارقة، مثل بوذا الذي عاش آخر حياته على حبة عنب واحدة في اليوم، والراهبة تيريزا نيومان التي يقال إنها عاشت لأعوام بلا طعام أو ماء. أما أطول فترة سجلت لبشر استطاع العيش بلا ماء أو زاد فهي للورنس ماكوين، الذي أجبر على تناول الطعام بعد 70 يوما.
لقد مات جاني ودفن سره معه، فهل هو دجال أم ظاهرة خارقة تتحدى العلم البشري والتطور العلمي الذي يشهده العصر الحديث؟ أما التصديق بأن بإمكان بشر أن يعيش لأعوام دون طعام أو شراب فأمر مستحيل، وإلا لخصّ الله به رسله، يقول تعالى، "وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي