رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


العالم ما بعد كورونا والعمل على التعافي من الأزمة

في ظل السباق في العالم للحد من أثر أزمة انتشار مرض «كوفيد - 19» فيما يتعلق بجوانب الحياة جميعها، نجد أن كثيرا من دول العالم تحاول قدر الإمكان قياس أثر الأزمة ومحاولة الاستفادة منها بما يؤدي إلى تخفيف الأثر الاقتصادي لها والعمل على العودة سريعا لاستعادة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية واستدامة النمو، فالأزمة ليست يسيرة وهي للأسف تحمل نتائج أضخم بكثير مما كان يتوقعه أكثر الناس تشاؤما على الاقتصاد العالمي في بداياتها، وما زالت الأزمة قائمة ما لم يتمكن العالم من الحصول على لقاح أو علاج على الأقل لهذا المرض.في هذه الأثناء، الجميع يفكر في شكل الاقتصاد العالمي بعد الأزمة وخطورة خضوع بعض الدول لتقييم متدن في معالجتها، ما سيؤدي تلقائيا إلى أن يتأثر اقتصادها بشكل كبير خصوصا بعد حدة هذه الأزمة وتأثيرها المتوقع في اتجاهات المستثمرين. ولذلك، فإن من يراقب بشدة تفاصيل جهود كل دولة وقدرتها على احتواء المرض وآثاره فإن ذلك لا يقف على الجانب الصحي فقط بل هو عبارة عن تقييم شامل لقدرة الحكومات على إدارة الأزمة ومستوى الوعي داخل تلك المجتمعات في فهم واستيعاب التعليمات والتقيد بموجبها واتخاذ جميع الاحتياطات التي تحد من تشكيل بؤر انتشار للأوبئة، إضافة إلى القدرة على التوزيع الأمثل للأنشطة الاقتصادية، حيث يكون هناك نوع من الفرز للأنشطة التي يفترض ألا تقف بسبب الأزمة والأنشطة التي يمكن أن تستمر بعد اتخاذ إجراءات محددة والأنشطة التي ينبغي أن تتوقف تماما.
وهذا الإجراء يدل على قدرة وضع خريطة فاعلة للأنشطة الاقتصادية والقدرة على تسييرها خلال الأزمات بما يقلل من الآثار والنتائج، كما أن الاهتمام بالأنشطة الاقتصادية التي تستفيد في كثير من الأحيان من حالة انتشار الأوبئة ولا تتضرر في حال اعتدال الأحوال مثل، التجارة الإلكترونية والأنشطة من خلال الاستفادة من التقنية مثل، المهام التي يمكن أن تنشط من خلال العمل عن بعد.
كما أن قدرات الدولة الاقتصادية في تحفيز الاقتصاد وتقديم مجموعة من المبادرات وحزم المساعدات له دور كبير في القدرة على التعافي سريعا واستدامة النمو واستقرار الأنشطة الاقتصادية والحد من الآثار الاجتماعية السلبية لبعض أو قلة من أفراد المجتمع مع وجود سخاء في الإنفاق على المؤسسات الاجتماعية، وهذه الحزم أصبحت أكثر فاعلية نظرا لأنها عاجلة بل فورية في معظمها متزامنة مع الإجراءات الحكومية فيما يتعلق بالتعامل مع الجائحة، لتحد من حالات الإفلاس أو الأضرار الشديدة التي يمكن أن تصيب بعض الشركات خصوصا الناشئة.
هناك معايير مهمة يمكن العمل عليها لتقديم صورة جيدة فيما يتعلق بالأزمة، والمملكة اليوم عملت على هذه المعايير للوصول إلى نتائج إيجابية لسمعة الاقتصاد وإبراز البيئة العامة في المملكة وقدرتها على إدارة هذه الأزمة بكفاءة وقدراتها في التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة والقطاع الخاص واستدامة في الخدمات الحكومية والأعمال في القطاع الخاص التي لا يوجد حاجة إلى توقفها، فجميع الخدمات الحكومية عاملة رغم إغلاق معظم وحدات الدوائر الحكومية، كما أن الخدمات المالية لم تتوقف بل قدمت حلولا أكثر سرعة وفاعلية وتمت هذه التغييرات في فترة قصيرة جدا دون شعور المستفيد بأي تأخير، وأن تكون واحدة من الخيارات التي لديها مجموعة من الفرص وقدرة على حماية الأنشطة داخلها بما يخفف من حجم المخاطر التي يمكن أن تؤثر في الأنشطة الاقتصادية محليا في المستقبل كما أن مستوى الوعي المجتمعي أسهم بصورة كبيرة في تطبيق تلك الإجراءات إضافة إلى كفاءة وفاعلية الإجراءات الصحية سواء الوقائية أو حتى العلاج. من المهم عدم المبالغة في التوقعات أو الوصول الى أوهام أن العالم سيتغير بشكل جذري في أسلوب الحياة التي كان عليها العالم قبل جائحة كورونا، فلن يتحول العالم بصورة جذرية إلى العمل من المنزل مثلا، لكن قد تجد بعض القطاعات الاقتصادية التي كانب تتجه ببطء إلى هذا النوع من أسلوب العمل إلى أن تسرع خطوات التحول كما أن الإنسان لن يتوقف عن السياحة في دول محددة في العالم لكن يبقى أن وسائل الترفيه من خلال وسائل التقنية ستكون لها فرصة أكبر في النمو، ستمر - بإذن الله - هذه الأزمة، لكن ينبغي ألا يكون هناك تشاؤم أو توقع لتغيير جذري.
من القواعد المهمة في مادة العلوم أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم، وفي الاقتصاد المال موجود ودوافع الإنسان الاستهلاكية لن تتغير كثيرا، والاقتصادات الأكثر قدرة على الصمود في هذه الأزمة ستكون الأسرع تعافيا منها، وهنا تأتي أهمية ما اتخذته المملكة من إجراءات، ما يفسر استمرار تصنيفها الائتماني الجيد واستقراره من قبل شركات التصنيف الائتماني العالمية.
الخلاصة: أزمة كورونا لم تكن فريدة في تاريخ الإنسانية، وتوقع تحولات جذرية لأسلوب الحياة في العالم، أمر مبالغ فيه، والأهم في هذه المرحلة الحرص على الخروج بأقل الخسائر البشرية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، ما سيكون له الأثر في سرعة التعافي وجاذبية أكبر للفرص مستقبلا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي