رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الذكاء الجميل

لم يكن أحد يتصور أن هذا الجمال الطاغي يخبئ خلفه عقلا جبارا، الكل كان يعتقد أن هيدي لامار مجرد ممثلة فائقة الجمال!
جاءت هيدي إلى الدنيا لتثبت أن الجمال والعقل لا يتعارضان، ولدت هيدي كيسلر في عام 1913 لأب مصرفي يهودي وكان حلم طفولتها أن تصبح ممثلة، وفعلا انخرطت في التمثيل لكن ذلك لم يكن يعجب زوجها صانع الأسلحة النمساوي الذي كان يحاول بشتى الطرق أن يبعدها عن التمثيل، فأخذ يصحبها معه إلى اجتماعات عمله. كانت تصغي إلى كل حرف في تلك الاجتماعات حول مضادات الطائرات وتطوير أجهزة رصد الاتصال اللاسلكية التي كان يستخدمها الأمريكيون للاتصال بين الطائرات والأسلحة.
لم تستطع هيدي الاستمرار في زواجها وانفصلت عن صانع الأسلحة عام 1937 واستخدمت ما تعلمته من اجتماعات زوجها بذكائها الفذ، رغم أنها لم تتعلم التعليم الرسمي أو العالي في تطوير تقنية القفز الترددي الفريدة من نوعها، وهي وسيلة تمكن الجيوش من القفز على ترددات الراديو لتجنب التشويش من الطرف الثالث أو العدو باستخدام لفافات ورقة تشبه اللفافات المستخدمة في البيانو، وكان ذلك بمشاركة جورج أنثيل!
عندما قدمت فكرتها أول مرة سخروا منها وقالوا، "ما الذي تريدين فعله، وضع مشغل بيانو داخل توربيد"! لذا لم يستخدموه أثناء الحرب العالمية الثانية، لكنها حصلت على براءة اختراع عنه عام 1942 وتبرعت بها للجيش الأمريكي لمساعدته على حربه ضد الألمان ودول المحور.
بعد الحرب العالمية الثانية استخدمت تقنية هيدي في جميع الاتصالات السرية والتقنية التي نستخدمها اليوم ومن أهمها نظام الهاتف الخلوي "جي بي إس"، الذي يستخدمه نحو واحد ونص مليار مشترك حول العالم.
وكعادة جميع الأفكار الجديدة والخلاقة استغرق الموضوع عشرات الأعوام للاعتراف به ولم يتم تكريمها إلا عام 1997 من قبل مؤسسة الحدود الإلكترونية وقد جاوزت الـ80 من عمرها حتى إنها لم تستطع الذهاب إلى الحفل بل اكتفت بإرسال رسالة صوتية تشكرهم فيها!
كانت هيدي تعد أجمل امرأة في العالم ذلك الوقت حتى إن وجهها كان ملهما لشخصيات بطلات ديزني مثل سنو وايت وكات وومن. قالت عنها إلكسندرا دين التي أخرجت وأنتجت فيلما وثائقيا عن مسيرتها "كان الناس يعتقدون أنها جميلة جمالا صارخا يستبعد معه أن تكون ذكية"!
توفيت هيدي لامار عام 2000 عن عمر يناهز الـ 86 بعد حياة حافلة، وإنجاز عظيم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي