بورصة نجوم دراما رمضان «خضراء» رغم الكورونا
ها هو شهر رمضان الفضيل يطل علينا في ظروف عالمية استثنائية، يلقي برحمته على عباده الذين يتضرعون للخالق، راجين الصحة والسلامة، ها هو شهر رمضان يبسط بركاته على عباده المحجورين في المنزل، حيث شلت الأعمال وانقطعت العلاقات، وأصبح أقرب الناس غرباء في المسافة والسلام؛ ولم يعد أمام الكبار والصغار إلا الشاشة التلفزيونية لمشاهدة البرامج وتمضية الوقت، وفي وقت يتلهف فيه كثيرون إلى الشاشة الرمضانية في هذه الأوقات العصيبة، جاءت مطعونة بالكورونا، وبالكاد أبصر بعضها النور والبعض الآخر كان ضحية الخسائر التي تلف العالم.
صحيح أن شهر رمضان الفضيل يشكل فرصة للطمأنينة والروحانية والعودة إلى رحاب الرحمن، إلا أنه بات مناسبة سنوية يقتنصها منتجو ورواد صناعة الدراما للاستثمار المادي، والاستفادة الاقتصادية من هذا الموسم إلى أقصى الحدود، ولا يقف أي عائق أمام طموحاتهم حتى لو كان ذلك هو عملاق الوباء العالمي «كوفيد 19».
دور «الكومبارس»فيما أصابت الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا قطاع الترفيه بأضرار كبيرة، في ظل إلغاء حفلات ومهرجانات، وإغلاق دور السينما أبوابها في معظم دول العالم والمنطقة، لم يعد أمامنا إلا الشاشة الصغيرة كمفر وحيد من عزلتنا الاضطرارية في الحجر المنزلي.
في توقيت يعد الأبرز سنويا والأكثر جدوى اقتصاديا في الإنتاج الدرامي لمسلسلات شهر رمضان، تتفاقم أزمة فيروس كورونا الذي تسلل إلى مختلف أوجه ونواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وامتد أثره بطبيعة الحال إلى الفن والثقافة.
جاءت الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس لتكون وجها جديدا داخل مواقع التصوير وتلعب دور "الكومبارس" في مواجهة القيود المفروضة للمحافظة على الصحة، وهو ما تماشى معه البعض للحاق بالشهر الفضيل ولصناعة الدراما.
الإعلانات تبدد المخاوف
على مقربة أيام قليلة تفصلنا عن بداية الشهر الكريم، تستعد القنوات التلفزيونية لبث مسلسلات رمضان 2020، على الرغم من تداول بعض الشائعات بأنه قد يحل الشهر الفضيل دون مسلسلات بسبب الفيروس، إلا أنه تم طرح عدد من الإعلانات لعدد من المسلسلات، التي أكدت بذلك وجودها في الشهر الفضيل ودخولها حلبة المنافسة، متجاوزة عقبة الإجراءات الاحترازية المتخذة من قبل مختلف دول العالم.
إضافة إلى الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها داخل مواقع التصوير من خلال تطهير الموقع وارتداء الكمامات وغيرها، تجنبا لإصابة أي شخص، عمد منتجو مسلسلات دراما رمضان لعام 2020 إلى تفعيل نظام "الحد الأدنى للعاملين"، حيث تم تقليل عدد صناع هذه الأعمال من فريق الإخراج والإنتاج والتصوير والإضاءة، حتى لا يصبح هناك تجمع كبير، فبدلا من الاستعانة بعشرة أفراد في فريق التصوير يوجد ثلاثة أشخاص فقط، والأمر نفسه في باقي الفنيين. ولم يتوقف الأمر عند تقليل عدد صناع العمل؛ بل تم إلغاء "البوفيه" من أجل الوصول إلى أكثر حماية ممكنة في مواجهة كورونا، ذلك للانتهاء من إنتاج المسلسل المطلوب بأقل أضرار صحية جانبية ممكنة، تفاديا لأزمة مسلسلات رمضان التي تتمثل في رغبة صناعها في إنهاء تصويرها، مثل أنواع أخرى من الأشغال ما زال الأشخاص يذهبون إلى عملهم فيها، خاصة أن شهر رمضان يعد موسما مهما لمهنة التمثيل.
نجوم غائبون قسرا
في ظل حماوة المنافسة المحتدمة بين القنوات التلفزيونية لاستقطاب المشاهدين، إلى جانب المنافسة التي تخوضها تلك القنوات مع تطبيقات على الإنترنت، مثل "نتفليكس" و"ستارز بلاي"، تأتى رياح سباق مسلسلات رمضان هذا العام، بما لا تشتهي سفن نجومه، الكل يحاول ويبذل جهده لإثبات مكانته واللحاق بالسباق، لكن الظروف تجبر البعض على الانسحاب والخروج من الموسم المنتظر لدى الجميع، الذي يعد واحدا من أكبر المواسم التي يتجمع فيها المشاهدون أمام الشاشة الصغيرة. في الواقع لا تستطيع قصة المسلسل ولا براعة إخراجه وتصويره اكتساب الرهان والفوز بالمنافسة، إنما يبقى عنصر القوة هو في يد نجومية البطل، بغض النظر عن جمالية الحبكة الدرامية أو الإثارة الإخراجية أو البراعة التصويرية. وبالتالي إن نجاح أي مسلسل وحصوله على الجماهيرية وحيازة أكبر نسب مشاهدة، وما يرافق كل ذلك من أرباح مالية لفريق العمل، ومكاسب إعلانية للقنوات، يقوم بالدرجة الأولى على النجم البطل.
في هذا الموسم نشهد غياب عدد كبير من النجوم على رأسهم النجم أحمد السقا؛ الذي وجد العام الماضي في المسلسل الأكثر نجاحا "ولد الغلابة"، لكن لا يمكن اعتبار غيابه هذا العام مستغربا؛ كونه يطل عادة على جمهوره عاما ويغيب الآخر. كذلك يغيب محمد إمام؛ عن شاشة هذا العام، على الرغم من تحقيق مسلسله "هوجان"، الذي عرض العام الماضي، نجاحا كبيرا.
وبسبب ضيق الوقت وعدم الانتهاء من الكتابة وتصميم الديكورات، يغيب مصطفى شعبان؛ بعد أن فضلت الشركة المنتجة لمسلسله "حتى لا يطير الدخان" تأجيل عرضه ليخرج من السباق الرمضاني في اللحظات الأخيرة.
عائق الوقت
على الرغم من المحاولات الحثيثة للمخرج رؤوف عبدالعزيز؛ للانتهاء من تصوير أحداث مسلسل "خالد بن الوليد" إلا أن الوقت لم يسعفه، وبالتالي أدى إلى خروج عمرو يوسف؛ بمسلسله من السباق الرمضاني في اللحظات الأخيرة أيضا. ويغيب أيضا عن الماراثون الرمضاني النجم عمرو سعد؛ الذي ينشغل بالتعاقد على أكثر من عمل سينمائي خلال الفترة المقبلة.
وعلى الرغم من نجاحه على مدار ثلاثة أعوام متتالية من خلال تقديم "طاقة نور"، "فوق السحاب"، "قمر هادي"، يغيب هاني سلامة؛ عن خوض السباق الرمضاني.
وبعد تقديمه ثلاثة أعمال متتالية على مدار ثلاثة أعوام أيضا، وهي "طاقة قدر"، "قانون عمر"، "ابن أصول"، إلا أن حمادة هلال؛ قرر أيضا عدم خوض المنافسة، ذلك لأنه لم يجد السيناريو القوي ليوجد في الموسم المقبل.
بورصة «خضراء» في زمن الكورونا
كالمعتاد في كل موسم رمضاني تطفو إلى العلن بورصة أجور نجوم مسلسلات رمضان، فتم أخيرا الإعلان عن أجور نجوم مسلسلات رمضان 2020، التي بينت تفاوتا ملحوظا حسب نجومية وتاريخ كل فنان. وكما كان متوقعا، تصدر عادل إمام قائمة النجوم، حيث أصبح هو الأعلى أجرا في هذا الموسم، بعد حصوله على مبلغ 40 مليون جنيه عن مسلسله "فالينتينو"، من إخراج رامي إمام، الذي سيلعب فيه دور رجل أعمال يمتلك مجموعة من المدارس الدولية ويتعرض لسلسلة من الأزمات التي تتم معالجتها في إطار تشويقي اجتماعي كوميدي. ويأتي النجم محمد رمضان؛ في المركز الثاني في قائمة أعلى الرواتب، حيث حصل على مبلغ 18 مليون جنيه عن بطولة مسلسله "البرنس"، وتدور أحداث العمل في إطار درامي اجتماعي عن العلاقات الأسرية التي تخضع لامتحانات وأزمات تكاد تعصف بها.
وفي المرتبة الثالثة، جاء النجم أمير كرارة؛ الذي تقاضى 11 مليون جنيه نظير بطولته مسلسل "الاختيار"، الذي يدور في إطار درامي تاريخي تشويقي مستلهما من قصة حقيقية تجسد حياة العقيد أحمد المنسي؛ قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذي استشهد في الهجوم الإرهابي، جنوب رفح عام 2017.
أما النجم ياسر جلال؛ فقد حصل على أجر بلغ تسعة ملايين جنيه نظير بطولته مسلسل "الفتوة"، وتدور أحداثه في عالم الأحياء الشعبية، حيث تنظم هذه الأحياء وتدير شؤونها فئة من الأشخاص الأقوياء، الذين كان يطلق عليهم "الفتوة"، الذين يتحملون مسؤولية الأهالي.
وحصلت نيللي كريم؛ على أجر بلغ سبعة ملايين جنيه في مسلسلها "100 وش"، وهو أول تجربة كوميدية للنجمة التي اشتهرت بأدوارها التراجيدية، أما ياسمين عبدالعزيز؛ فقد حصلت على أجر وصل إلى خمسة ملايين جنيه عن مسلسل "ونحب تاني ليه".
ويبقى الجمهور على موعد مع عديد من الأعمال الدرامية المتميزة في رمضان 2020، على الرغم من غياب عدد كبير من النجوم، وتأجيل تصوير وإلغاء عدد من المسلسلات بسبب الخوف من تهديدات الفيروس المتفشي بشراسة، إلا أننا لا نفهم سبب استمرار المسلسلات التي لم تتوقف في مواقع التصوير، وهي الآن جاهزة للعرض، ضاربة بكل الإجراءات الاحترازية المفروضة عرض الحائط، لماذا الإصرار من المنتجين على المخاطرة بصحة طاقم الفنانين والفنيين؟ هل المكاسب المالية فوق كل اعتبار؟ أم هل علينا أن نهنئ المنتجين والفنانين على بطولتهم ومجازفتهم لتقديم ما يرفه عنا في حجرنا الصحي المنزلي؟ هل فعلا بتنا في زمن الكورونا أسرى الشاشة في عزلتنا الإجبارية أثناء مواجهتنا وباء عالميا خطيرا؟