معركة التصدي لـ«كورونا» والتباعد الاجتماعي «2 من 2»
تتردد أنباء عن 150 عاملا معظمهم من النساء تطوعوا لحبس أنفسهم في مصنع في وسط تونس ينتج معظم معدات الوقاية الطبية في البلاد. وباستخدام ما يكفيهم من طعام ومؤن لمدة شهر، قالوا إنهم سيستمرون في إنتاج الأقنعة، والبدل المعقمة الخاصة بمكافحة العدوى، ومواد التعقيم، وغيرها من المعدات التي يحتاج إليها العاملون الصحيون لمكافحة الفيروس. إن هذه الأفعال التي تعبر عن تكاتف البشر تلهمنا ونحن نعمل للوقاية من آثار الجائحة وتبعاتها. وبالنسبة للبنك الدولي، يعني ذلك الارتقاء إلى مستوى التحدي الذي أفرزه فيروس كورونا، والعمل في شراكة وثيقة مع الدول المتعاملة معنا بشأن تقديم المساعدة الفورية. ومع اتخاذ الدول تدابير جذرية لاحتواء الأزمة ومكافحة أخطر آثارها الاجتماعية والاقتصادية، فإنها تتطلع إلينا طلبا لمساعدة مالية عاجلة، وكذلك لخبرتنا العالمية التي لا تضاهى في التعامل مع الأزمات مهما كان اتساعها أو غرابتها. ونحن نقوم بتفعيل مكونات الاستجابة في حالات الطوارئ وإعادة تخصيص أموال من مشاريع قائمة. ونقوم بتمويل جهود جديدة في إطار نهج برامجي رائد متعدد المراحل للمساعدة على تلبية أشد الاحتياجات إلحاحا، مثل شراء أجهزة التنفس الصناعي ومعدات الوقاية الشخصية، وتعيين وتدريب العاملين في المجال الطبي، وأجهزة الفحص والاختبار، والعزل وإدارة الحالات لمن يصابون بعدوى فيروس كورونا. وكما أوضح ديفيد مالباس؛ رئيس مجموعة البنك الدولي في مقال له على موقع لنكد-إن الأسبوع الماضي، أن صندوق تسهيلات الصرف السريع لمكافحة فيروس كورونا سيضخ تمويلا طارئا قيمته 14 مليار دولار من أجل الاستجابة الفورية لمكافحة هذه الجائحة.
وستذهب الموجة الأولى من المساندة في إطار الصندوق الجديد إلى اثنتين من أشد الدول فقرا في المنطقة وهما جيبوتي واليمن. وتلقت دول أخرى مساندة فورية من خلال إعادة هيكلة مشاريع قائمة للمساعدة على تلبية احتياجاتها الطبية الحيوية. ونحن نركز على المساعدة على إنقاذ الأرواح وإبطاء انتشار المرض.
ومن خلال مزيد من العمليات، سيساعد البنك الدولي الدول في المنطقة على اختصار الوقت اللازم للتعافي الاقتصادي، وتهيئة الظروف اللازمة للنمو، ومساندة منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وحماية الفئات الأشد فقرا واحتياجا. وفي 26 آذار (مارس)، أبلغ الرئيس مالباس؛ زعماء مجموعة العشرين أن مجموعة البنك الدولي، ومنها مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، ستستخدم ما يصل إلى 160 مليار دولار خلال الـ15 شهرا المقبلة لمساعدة الدول التي تأثرت بالجائحة.
إن جائحة كورونا قد تكون أخطر التحديات التي تحدق بالصحة العامة في وقتنا هذا. ومع ذلك، فإن الناس في أنحاء المنطقة يجدون سبلا جديدة لتسخير إنسانيتهم المشتركة، حتى إن كانت مواجهة الفيروس تقتضي منهم أن يتباعدوا بأجسادهم. ومع ارتقائنا إلى مستوى هذا التحدي، سنحذو حذوهم، وسنعمل معا لمكافحة الجائحة، وبناء روابط أقوى تبقى وتدوم للتكاتف والتضامن بين البشر.