تيدروس أدهانوم جيبريسوس
"هذا ليس تمرينا. هذا ليس وقتا للاستسلام. هذا وقت اقتلاع كل المعوقات". قبل أن أحدثكم عن صاحب هذه المقولة أشارككم برسالة واتساب منسوبة لطبيب هندي يقول،" كورونا لها نفسية ذات كبر، فهي لن تزورك في المنزل إلا إذا ذهبت خارجا ودعيتها".
وتبقى كورونا جائحة وبائية وضعت منظومات الرعاية الصحية في العالم تحت ضغط اختبارات هائلة. وقد واكبت منظمة الصحة العالمية - بطبيعة اختصاصها - التطورات منذ البداية، دونما انقطاع، حتى أصبح اسم أمينها العام الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس بلكنته الإثيوبية متداولا دونما انقطاع في نشرات الأخبار، وتصريحاته تلقى رواجا عند المجاميع والأفراد. ولعل من أكثرها قسوة كان في 13 آذار (مارس) عندما حذر أوروبا، بقوله، "أوروبا الآن في عين الجائحة"، وحثهم على معالجة الأمر سريعا، "لا تدعو النار تلتهم".
وفي الوقت نفسه حذر في سياق أحد لقاءاته من إضاعة الفرصة، وبأن كان أمام الدول أكثر من شهرين للاستعداد، وبسبب تراخي عديد من الدول في الاستعداد والتجهيز لقدوم الجائحة، فقد انهارت نظم الرعاية الصحية فيها وتعاظمت الخسائر في الأرواح، وكما كانت رسالته لأوروبا واضحة وصريحة، كانت كذلك للولايات المتحدة دون أن يسميها. وبالفعل شاهد ما تكابده عديد من الدول بسبب التراخي والتردد، على الرغم من ثرائها الواسع وإمكانات الرعاية الصحية لديها، وكأن عدوا أخذها بغتة، رغم أن عدو العالم رقم "1" لم يباغتها أبدا، بل قدم بعد إنذارات عدة.
وبالمقابل، في 18 آذار (مارس) كان الدكتور جيبريسوس غاية في الوضوح، عندما تمكنت كوريا من "تسطيح المنحنى" ومحاصرة كورونا، "قبل شهر واحد كانت جمهورية كوريا تواجه تسارع انتقال المجتمع. لكنها لم تستسلم. وضعت استراتيجية مبدعة، وكثفت اختبارات للكشف الشامل في مناطق مختارة، وعزلت الحالات المشتبه فيها في مرافق محددة بدلا من المستشفيات أو في المنزل". وهكذا، نجد أن متابعة الدكتور جيبريسوس ذات قيمة بحكم منصبه كأمين عام لمنظمة الصحة العالمية، فهي تعكس مواكبته اللصيقة للمنظمة ولفريق عملها الضخم والمختص في عوالم الأوبئة وسلوكها ولاستعدادات الدول ولنتائج جهودها في مكافحته.
وهكذا، نجد أن منطلقات المملكة في الاستعداد والتعامل مع الجائحة قامت على منهجية متعددة الجوانب، استفادت من أفضل الجهود والطاقات والممارسات العالمية، بما فيها منظمة الصحة العالمية. وحينما كان الدكتور جيبريسوس يتحدث بأنه وقت لاقتلاع كل المعوقات، كانت دولتنا تمارسه تجهيزا وصرامة وبذلا، ومواكبة تتجسد في قرارات "جراحية" تدرك أن هذه الجائحة لا تركن على حال، فأحيانا تتحرك باتجاه محافظة، وأخرى تنشط في أحياء من مدينة.