رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«الطاعون» يغير وجه الأرض

 هناك أمراض خطيرة وسيئة السمعة تسببت في موت آلاف البشر، مثل مرض السرطان الذي لم يوجد له علاج قاطع حتى الآن، وكذلك حروب فتكت بالبشر، لكن تبقى الأمراض البكتيرية والفيروسية المعدية الأشد فتكا وخطرا على العالم، فهي تنتشر كالنار في الهشيم من أقصى الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب وتلتهم البشر، تاركة العالم يموج بين الموت والخراب، لذا غيرت الأوبئة وجه الأرض وأثرت في الحضارات البشرية على مر العصور. يقال إن أول وباء انتشر في عام 430 قبل الميلاد خلال الحروب البيلوبونية، وتسببت في قتل أعداد كبيرة من سكان العالم.

من أشهر الأمراض المعدية وأخطرها الطاعون، سواء طاعون جاستنيان أو الموت الأسود. ظهر الطاعون الأول إبان حكم جستنيان في القرن السادس، وهو أول وباء يقتل نحو 50 مليون شخص، أي نحو نصف سكان العالم ذلك الوقت، وتسبب في وقف التجارة، ما أضعف البيزنطيين وبدأت الحضارات الأخرى تفرض سيطرتها على أراضيها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأجزاء من آسيا، ما أوقف مشروع جستنيان لتوحيد الإمبراطورية الرومانية!
أما الموت الأسود، أو الطاعون الدبلي الذي عصف بالعالم في القرنين الثالث والـ14 وانتشر من شرق آسيا إلى أوروبا مرورا بكل ما بينهما قاتلا الملايين في طريقه ومشكلا المثال الأول على الأضرار الممكنة للنقل والتواصل العالمي، حيث يمكن لمرض يظهر في بلدة في أقصى الشرق أن ينتشر في دول وقارات بأكملها، ويتسبب في قتل أشخاص أكثر من أي كارثة طبيعية أخرى أو حرب عالمية.
انتشر المرض مع السفن المقبلة من الصين التي كانت تحمل الجرذان الحاملة للبراغيث، التي تنقل العدوى البكتيرية المسببة للمرض، وبسبب الفقر في القرون الوسطى وقلة النظافة وانتشار الحيوانات في كل مكان، انتشر المرض بشكل سريع وقتل الملايين في مختلف المناطق من العالم، حيث يقدر أنه قتل نحو ثلث سكان أوروبا في فترة انتشاره، ووفاة 70 في المائة من المصابين به!
أدى انتشار الطاعون إلى تغييرات كبيرة جدا خاصة في القارة الأوروبية، فقد أسهم بشكل كبير في إسقاط النظام الإقطاعي، وبات بإمكان العمال المطالبة بحقوقهم والحصول على حياة أفضل، كما فقد الناس الثقة بالكنيسة الكاثوليكية وانشقت الكنيسة إلى كاثوليك يتبعون البابا ولوثريين أحرار من التبعية، ومن ناحية أخرى تسبب الطاعون في تصاعد التعصب وازدادت المذابح المرتكبة بحق الأقليات العرقية!           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي