المضادات الحيوية والاقتصاد
تعد المضادات الحيوية من أكثر الأدوية استخداما فعلى الرغم من كونها من أوائل الأدوية الحديثة اكتشافا، إلا أنها ما زالت من أكثرها انتشارا ومن المعلوم أنها مستحضرات صيدلانية قادرة على قتل أو تثبيط نمو البكتيريا، وتعطى عادة لعلاج مرض معين في الجسم، وحيث إن هناك بكتيريا نافعة في الجسم فإن اختيار مضاد حيوي غير مناسب أو عدم إكمال المضاد الموصوف أو عدم الالتزام بتعليمات العلاج، قد يؤدي إلى خلل في وجود البكتيريا النافعة في الجسم، بل ونشوء ما يعرف بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية وهذه بدورها تقود إلى تمديد فترة العلاج وفترة التنويم في المستشفيات وزيادة المرض وتكرار زيارات الأطباء، ومن ثم ارتفاع التكلفة الاقتصادية وزيادة معدل الوفيات حسب ما أوردته منظمة الصحة العالمية، التي أشارت أيضا إلى أن الخسائر السنوية الناتجة عن المقاومة للمضادات الحيوية في الولايات المتحدة وحدها قد تصل إلى 34 ألف مليون دولار في العام الواحد وفي أوروبا تصل إلى 1500 مليون يورو سنويا.. كما أظهرت دراسة حديثة نشرت أواخر عام 2019 قام بها المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها، أن البكتيريا المقاومة للعقاقير تتسبب في وفاة نحو 33 ألف شخص في أوروبا وحدها وأن ما لا يقل عن 2.8 مليون شخص يصابون بعدوى مقاومة المضادات الحيوية كل عام.. وتتفق الدوائر الصحية الدولية على أهمية اتخاذ إجراءات تنظم وصف المضادات الحيوية واستخدامها تجنبا لإنهاك الاقتصاد العالمي، ومن أبرز تلك الإجراءات ألا يصرف المضاد إلا للإصابات البكتيرية فقط دون الفيروسية أو غيرها، وألا يصرف إلا بعد التأكد من أنه سيكون مفيدا لذلك النوع من البكتيريا، وأن يلتزم المريض بالتعليمات بدقة ويشمل ذلك كمية الجرعة ومدة العلاج وأن يكون قد أخذ الدواء وفق وصفة طبية، وألا يسمح لغيره باستخدام ذلك المضاد لأن سبب الالتهاب أو العدوى، قد يكون مختلفا عن حالته حتى إن تشابهت بعض الأعراض.. إن السلطات الصحية مطالبة بوضع خطط وبرامج لإدارة المضادات الحيوية عن طريق مراقبة وصفات هذه الأدوية في المراكز والمستشفيات والتأكيد على أن تقوم تلك المنشآت الصحية برفع التقارير المنتظمة والدورية حول الكميات المنصرفة وأغراض صرفها والنتائج التي ترتبت على ذلك.. إن الجميع يأمل أن يكون استخدام المضادات الحيوية مصدر شفاء وسعادة لا مصدر مرض وهدر اقتصادي غير مبرر.