رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نافذة الروح

العين ليست مجرد أداة لنرى بها الكون من حولنا، إنما هي نافذتنا إلى العالم الخارجي، ومرآة لأرواحنا تعكس ما يجول في دواخلنا دون أن ننطق بحرف. هي مجموعة من الحركات والانقباضات العصبية والعضلية للعين، تصنع حوارا مع من حولك، وتقدم نفسك بوضوح لمن يفهم تلك الحركات والسكنات والإشارات والإيحاءات، التي تعكسها نظرة العين، كالتهرب من النظر في عين الشخص الآخر مباشرة، النظر إلى الأعلى، التحديق، وجود بريق ولمعة في العين، توجيه العين يمينا وشمالا، وغيرها من الإشارات التي تصدق القول وتحكي ما لا يستطيع اللسان نطقه، أو ما يتجنب قوله، أو ما يخفيه. وهو فن وعلم قائم بذاته يسمى "لغة العيون" أو التواصل البصري، ويمثل أداة المحادثة الأكثر أهمية في أشكال لغة الجسد، التي تشكل 55 في المائة من التواصل، وتتفوق على نبرة الصوت التي تؤثر في 38 في المائة بينما تمثل الكلمات ما نسبته 7 في المائة فقط من التأثير في المتلقي؛ إذ قد تكذب عيناك كل ما يقوله لسانك!
يمنحك التواصل بالعين كثيرا من المعلومات الاجتماعية عن الشخص الذي تتحدث معه، فتعرف مشاعره تجاهك، مدى تقبله لحديثك، درجة محبته لك، أو خوفه منك، أو حذره من أن تكشف حقيقته، فأنت عندما تحدق في محدثك تجري حوارا سريعا مع ذهنه لأنك ستلاحظ أنه يفقد التركيز للحظات، وقد يتوقف عن الكلام؛ لأن نظرتك ذهبت إلى أبعد من حوارك الكلامي معه!
التواصل البصري مهارة غالبا ما يتم تجاهلها، ولا يسعى الناس إلى امتلاكها، وقليل جدا من يستخدمها عند التواصل مع الناس. ولو دققت لرأيت أن أفضل من يستخدم التواصل البصري أو "لغة العيون" لينفذ إلى أعماقك هم رجال البيع "الشطار" والساسة والشخصيات العامة، أو شخص قريب منك محب لك يريد أن يكفيك عناء الحديث فيفهمك دون أن تنطق!
هل جربت أن تلاحظ بائعا يلح عليك بالشراء لمجرد أنه لمح اتساع حدقة عينيك ونظرة الإعجاب لما يعرضه، فأصر على أن تبتاع منه. وآخر يريد إحراجك فلا يكف عن ملاحقتك بنظراته حتى تستسلم وتعترف له بما يجول في خاطرك. على مدار عقود استمر البحث في أسرار "لغة العيون" لتأتي في النهاية مصداقا لقول القدماء، "إن العين نافذة الروح!"
وبإدراك هذا العلم ستحظى بتذكرة مجانية نحو الروح الحقيقية للشخص بما فيها مشاعره، اهتماماته، أفكاره ومخاوفه، دون أن يتفوه حتى بكلمة واحدة. جرب أن تخفض الضوء وتنظر مليا في عيني شخص آخر لعشر دقائق دون توقف، سترى عجبا لم تره من قبل!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي