نحن والقهوة
لم يعرف استخدام القهوة ولم يرد لها ذكر إلا قبل عدة قرون فقط، فلم تذكر في كتاب "القانون" لابن سينا المتوفى 432هـ ولا في كتاب "المعتمد في الأدوية المفردة" للغساني المتوفى 694هـ، وإنما ورد ذكر البن والقهوة في كتاب "التذكرة" لداوود الأنطاكي المتوفى 1008هـ. انتشر استخدام القهوة بشكل كبير في جميع المجتمعات، وأصبحت تراها في أيدي كثيرين، خاصة الشباب من الجنسين، ولم يقتصر ذلك على المقاهي، بل أصبحت موجودة في القاعات الدراسية، وفي الاجتماعات، بل أثناء القيادة. تحضر القهوة من بذور البن، التي ثبت احتواؤها على كثير من المركبات الكيماوية من أهمها وأكثرها تأثيرا مركب الكافيين، الذي يوجد أيضا في أوراق الشاي والمتة وبذور الكاكاو والجوارانا وغيرها.. القهوة وفق أحدث الدراسات العلمية لها دور في زيادة الشعور باليقظة، والتركيز، وتحسين وظائف الدماغ، وفي تقليل خطر الإصابة بمرض الخرف "ألزهايمر"، والشلل الرعاش "الباركنسون"، وأمراض القلب، وبعض أنواع السرطانات .. كما تشير الدراسات إلى أن القهوة منزوعة الكافيين أي التي تم استخلاص الكافيين منها لها كذلك عديد من الفوائد الصحية، ما يدل على أن للمواد الأخرى، التي تحويها بذور البن، دورا مهما، وأن تأثير القهوة صحيا لا يرتبط فقط بمركب الكافيين، وإن كان هو المؤثر الرئيس ولا شك .. وعندما يطالب المختصون بالاعتدال في تناول القهوة فهم محقون في ذلك لأن الإفراط في تناولها يقود إلى عدد من الظواهر المرضية، ومنها الأرق، وصعوبة النوم، وزيادة مستويات الكوليسترول الضار، وارتفاع ضغط الدم .. وعموما، فإنه يصعب تحديد كمية الكافيين في فنجان القهوة الذي نتناوله، وذلك لأن نسبته تختلف ما بين أنواع بذور البن المستخدمة ومصادرها .. كما تختلف حسب كمية البن، التي استخدمت لتحضير ذلك الفنجان، فضلا عن درجة التحميص وطريقة الإعداد .. تشير الدراسات العلمية المنشورة إلى أن الكمية المستهلكة للشخص البالغ يجب ألا تزيد على 400 مليجرام من الكافيين يوميا أي ما يعادل ثلاثة أو أربعة أكواب من القهوة يوميا مع الأخذ في الحسبان أن تأثير الكافيين يختلف من شخص إلى آخر، فهو يعتمد على مدى التعود على الكافيين ومعدل امتصاصه واستقلابه في الجسم وعلى عمر الشخص ووزنه وحالته الصحية عموما .. كما أنه يلزم البعض أخذ الاستشارة الطبية حول الكمية، التي يمكنهم تناولها من القهوة وبالأخص النساء الحوامل والمرضعات ومن يتعاطى الأدوية النفسية.