«صندوق النقد» يجند شركاءه للتصدي لـ «كورورنا» «1من 2»
يوفر صندوق النقد الدولي مساعدات بقيمة 50 مليار دولار تقريبا من خلال تسهيلاته التمويلية، التي تتيح صرف الموارد على أساس عاجل في حالات الطوارئ للدول منخفضة الدخل، ودول الأسواق الصاعدة التي يحتمل أن تطلب الدعم في هذا السياق. ويتيح "الصندوق" لأفقر الدول الأعضاء عشرة مليارات دولار من هذا المبلغ بسعر فائدة صفري من خلال "التسهيل الائتماني السريع".
كانت بداية اليوم مبكرة بالنسبة لي ولديفيد مالباس، حيث عقدنا مؤتمرا هاتفيا مع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية - وهي جهازنا الحاكم، الذي يمثل دولنا الأعضاء البالغ عددها 189 دولة. وقبل أن أستطرد في هذا الحديث، أود أن أعرب عن تعاطفي العميق مع كل من يعانون تفشي هذا الفيروس. ونحن جميعا ندرك أن انتشار فيروس كورونا خطير للغاية ومن الممكن جدا أن يزداد الوضع سوءا. وهذا الأمر يؤثر فينا جميعا.
وسأبدأ بتوضيح السبب الذي جعلني أشعر بضرورة إجراء هذا المؤتمر الهاتفي:
أولا، لكي نضع سيناريوهاتنا بشأن التأثير المحتمل في الاقتصاد العالمي في سياق ما نعلمه وما لا نعلمه بشأن فيروس كورونا.
ثانيا، لكي نركز على إطار لكيفية التفكير في هذه الصدمة وكيف يمكننا نحن – الدول الأعضاء والصندوق والمؤسسات العالمية الأخرى – أن ندعم من تأثروا بهذه الأزمة بشكل فعال ومنسق.
ثالثا، لكي نتعلم من بعضنا بعضا بهذه الروح التعاونية، ولا سيما من أولئك الأشد تعرضا لمخاطر تفشي هذا الفيروس.
نعلم أن المرض ينتشر بسرعة. فمع تأثر ثلث دولنا الأعضاء بشكل مباشر، لم تعد المسألة إقليمية - إنما هي مشكلة عالمية تتطلب استجابة عالمية.
ونعلم أيضا أن هذه الفاشية ستنحسر في نهاية المطاف، ولكننا لا نعلم مدى سرعة حدوث هذا.
ونعلم أن هذه الصدمة استثنائية إلى حد ما وتؤثر في عناصر مهمة في العرض والطلب معا، فسيضطرب العرض بسبب حالات المرض والوفاة، وفقدان الأرواح، وأيضا بسبب جهود احتواء الأزمة التي تحد من الحركة، وارتفاع تكلفة ممارسة الأعمال نظرا للقيود على سلاسل العرض، وتقليص الائتمان.
وسينخفض الطلب أيضا بسبب ارتفاع عدم اليقين وزيادة السلوك التحوطي، وجهود احتواء الأزمة، وتصاعد التكاليف المالية التي تحد من القدرة على الإنفاق.
وستنتقل هذه الآثار عبر الحدود. وتشير تجربتنا إلى أن نحو ثلث الخسائر الاقتصادية من المرض ستكون تكاليف مباشرة: خسائر في الأرواح، وعمليات غلق لأماكن العمل، وإجراءات للحجر الصحي. أما الثلثان الباقيان فهما الآثار غير المباشرة الناجمة عن تراجع ثقة المستهلكين والمسلك التقشفي لمؤسسات الأعمال، وضيق الأوضاع في الأسواق المالية.
والخبر السار هو أن النظم المالية أشد صلابة مما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية. غير أن التحدي الأكبر حاليا هو التعامل مع عدم اليقين.
وفي ظل أي سيناريو، سينخفض النمو العالمي في 2020 عن مستوى العام الماضي. ولكن ما يصعب التنبؤ به هو إلى أي حد سينخفض؟ وما مدة استمرار هذا الانخفاض؟ إذ إن ذلك سيعتمد على الوباء نفسه، وأيضا على حسن توقيت إجراءاتنا ومدى فعاليتها.
ويشكل هذا صعوبة خاصة في الدول التي تعاني ضعف نظمها الصحية ومحدودية قدرتها على الاستجابة – ما يدعو إلى وضع آلية للتنسيق على مستوى العالم من أجل التعجيل بتعافي العرض والطلب.
تتمثل الأولوية القصوى من حيث استجابة المالية العامة في ضمان الإنفاق الأساسي المتعلق بحماية صحة الناس، ورعاية المرضى، وإبطاء انتشار الفيروس. وأؤكد بشدة الحاجة الملحة إلى تكثيف الجهود واتخاذ الإجراءات الصحية اللازمة – وضمان إنتاج المستلزمات الطبية بما يجعل عرضها متناسبا مع الطلب عليها.
ثانيا، قد يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات على صعيد السياسة المالية الكلية لمعالجة صدمات العرض والطلب التي أشرت إليها آنفا. وينبغي أن يكون الهدف هو اتخاذ إجراءات لا نندم عليها فيما بعد لتقصير فترة التأثير الاقتصادي وتخفيف حدته. وينبغي اتخاذ هذه الإجراءات في الوقت المناسب وتوجيهها بدقة نحو القطاعات ومؤسسات الأعمال والأسر الأشد تضررا.
وإذا حدث ضعف شامل في الطلب من خلال قناتي الثقة وانتقال التداعيات – بحيث يشمل التجارة والسياحة وأسعار السلع الأولية وتشديد الأوضاع المالية – فإن ذلك سيتطلب استجابة إضافية على مستوى السياسات لدعم الطلب والتأكد من كفاية عرض الائتمان.
ثالثا، سيتعين كذلك توفير قدر كاف من السيولة لموازنة مخاطر الاستقرار المالي... يتبع.