وزارة «الموارد البشرية»
تستمر المفاجآت السارة في الانتشار، ومن أهمها ما يمكن عده التغيير الوزاري الأهم اقتصاديا الذي صدرت به الأوامر الملكية الأخيرة. المزايا التي تحملها قرارات دعم الاقتصاد لا يمكن حصرها في مقال محدود كهذا. أزعم أن أهم هذه القرارات هو قرار دمج وزارتي الخدمة المدنية والعمل في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. لعل المهم في هذا الاسم الجديد هو البناء على قدرات الإنسان والاهتمام بتحويل الموظف الحكومي إلى عنصر أكثر فاعلية وتأثيرا في كل ما حوله.
أعتبر الموارد البشرية التي تزخر بها بلادنا أهم مكونات البنية العامة للعمل في الدولة والقطاع الخاص، وما لم يكن هناك استغلال حقيقي لهذه الثروة، ومبادرة فاعلة لتشجيع التأهيل والكفاءات الوطنية التي بإمكانها صناعة الإنجازات، فنحن أمام حاجز كبير هو ما تشكو منه أغلب دول العالم الثالث. هذا الحاجز هو عدم توافق الكفاءات مع المواقع التي يشغلها حاملوها.
الكفاءة هي عبارة عن تأهيل علمي مدعوم بخبرة ذات قيمة عالية يرافقهما قدرة على التعلم والتأثير في الآخرين، وهو ما يجب أن تبحث عنه كل مؤسسات بناء المكون البشري. هذا هو ما يجعل الاقتصادات المهمة تقود العالم رغم التقدم العلمي والازدهار الذي تحدثه التقنية. يبقى المكون الأهم هو الإنسان، فعندما نعلم أن هناك من يعملون في اقتصادات خارج دولهم الأساس وبأعداد متزايدة، نكون على أول الطريق نحو تفعيل دور الإنسان في تنمية الوطن كليا.
أذكر في المجال كثيرا ممن فقدتهم اقتصادات دولهم في بلاد مثل الهند لمصلحة الدول الغربية بسبب بسيط وهو عدم حصول أصحاب الكفاءات على الفرص لإبراز قدراتهم وتحقيق أحلامهم. هذه الإشكالية تتكرر في دول كثيرة، وهي تؤثر في مستويات الهجرة بين هذه الدول والغرب بل الشرق، وتحرم الاقتصاد من فرص النمو والمنافسة العالمية.
نشاهد اليوم في المملكة حالة من الاهتمام المركز على الكفاءات ومنح المؤهلين فرص التأثير وتحقيق الإنجازات، وهذا من الأمور التي تذكر فتشكر ونتمنى استمرارها والتركيز على التفرد الكبير الذي يميز الأفراد، والبناء عليه لتحفيز التميز والاقتصاد وتعزيز فرص حياة أفضل للجميع، ذلك أن الشخص المؤثر الذي يحصل على فرصته الحقيقية سيؤثر في حياة الآلاف بل الملايين من أبناء وطنه.