المزيد من المراكز
زرت إحدى القرى في منطقة وعرة تقع في جبال السروات وتتبع لمحافظة رجال ألمع، أغرب ما شاهدت في هذه القرية هو العدد الكبير من المسنين والمتقاعدين الذين عادوا لقراهم بعد أعوام طويلة من العمل في مواقع بعيدة، ليحل أبناؤهم وأحفادهم محلهم في الرحيل والعيش بعيدا عن الأهل، هذا أوجد صعوبات جمة من أهمها عدم توافر من يقوم على خدمة الآباء والأمهات بالشكل الذي يضمن التفاعل السريع مع حالات طبية خطيرة تحتاج فعلا إلى الاهتمام.
ذكرت في مقال سابق الحاجة الماسة إلى نشر مراكز الإسعافات الأولية التابعة للهلال الأحمر السعودي، وإخراج عملية نقل المرضى من مسؤولية المستشفيات إلى هذه الهيئة باعتبار التخصص الذي يمكن أن يتم من خلاله الاستغلال الأمثل للموارد، والتدريب المتميز الذي يمكن أن تركز عليه الهيئة لكل العاملين فيها. نحن نتحدث عن أكثر من مليوني كيلومتر مربع من المساحات التي تحتاج إلى عملية تجهيز وتدريب ومراقبة تحقق الحماية والتفاعل السريع مع الحالات والإصابات بمختلف أنواعها.
بعد أن قرأت عن قيام طيران الأمن بإنقاذ مصابين في مناطق بعيدة عن الطرق البرية "وهي إشكالية حقيقية في مساحة كهذه وتوزع سكاني على كل القارة التي نعيش فيها"، أعود للحديث في الموضوع وأنا أتمنى أن نجد دراسة موحدة لاحتياجنا من الطيران الإسعافي، بحكم ارتفاع الحاجة إليه في الأعوام المقبلة بسبب ارتفاع معدل أعمار سكان المملكة واستمرار الانتشار السكاني الذي لا يتوافق مع الحال القائم من نواحي كثافة وتوزيع الخدمة في مواقع معينة.
هذه الطائرات منتشرة في أغلب دول العالم، ولعل دراسة أقرب الدول لحالنا مثل كندا وأستراليا تشجع المخططين للبدء بدراسات مستفيضة يمكن من خلالها تقديم خدمة الإسعاف الطائر في مناطق ومواقع جديدة، وقد يكون من المفيد أن تصبح مستشفيات المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة بداية لتكوين المنظومة بحيث نوجد عملية تفاعلية حقيقية تسهم في توفير الخدمة الإسعافية وتوفير الأموال لصرفها في المجالات الأكثر إلحاحا، فنحن بحاجة إلى إيجاد حالة من الكسب المتوازن الذي يحقق الأهداف ويوفر الأموال في الوقت نفسه، وتلك المعادلة غير صعبة وإنما تحتاج إلى التخطيط المبني على دراسات إكتوارية دقيقة.