رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


سكاكين عصرية

لم تعد الفكرة لدى كثير ممن يأكلون حول العالم هي الأكل لإشباع الجوع. أصبحت الفكرة، خصوصا في المجتمعات الغنية، مجاراة الجديد في المطاعم و"الموضة"، حيث تطغى كل بضعة أعوام "صرعة" معينة تجعل الأكل ينافي فكرة "كل ما يعجبك" لتصبح "كل ما يعجب الناس".
ومثال ثان، لم يعد الحذاء الرياضي أداة لممارسة الرياضة فقط، تمشي عليه "أو لعلها به"، أو تركض أو تلعب أي من الألعاب الرياضية، فقد أصبح بفضل ذكاء الشركات المصنعة وتسويق وكلائها جزءا من منظومة الاستهلاك المحموم، حيث يجب تجديده مع كل موضة تطرأ.
الأمثلة كثيرة، وتأملت فيها وأنا أقرأ عن "بنطلون" - أو سروال - لطالما تساءلت: ما الذي يجعل الناس يرتدونه، رغم أنه يبدو تعذيبا للناس لما فيه من قلة راحة وغرابة تصميم وكشف للستر.
الخميس الماضي، نشرت وكالات الأنباء دراسة بريطانية حديثة نشرت في "دورية الأعصاب وجراحة الأعصاب"، تحذر من خطورة ارتداء "جينز السكيني" الضيق على صحة المرأة.
الدراسة أوضحت أن هذا النوع من اللباس الضيق يتسبب في إصابة المرأة بما يعرف بـ"متلازمة الحيز" أو "متلازمة المقصورة"، أي زيادة الضغط داخل حيز في الجسم يحتوي على العضلات والأعصاب، ما يؤدي إلى تدهور سريان الدم. وفي الأغلب تحدث هذه المتلازمة في الساق أو الذراع مسببة الإصابة بتورمات وخدر.
كما يعزز هذا النوع من اللباس فرص الإصابة بـ"السيلوليت"، أي ظهور نتوءات قبيحة المظهر على جلد الفخذ تشبه قشرة البرتقال، وذلك بسبب تدهور سريان الدم الناجم عن الضغط، الذي يمارسه السروال على الجلد، ولتجنب هذه المتاعب الصحية الخطيرة تنصح الدراسة المرأة بارتداء موديلات أكثر راحة.
لا أدري لماذا خصت الدراسة المرأة بالتحذير، رغم أن العضلات والأعصاب والأوردة لدى الجنسين تتأثر بالعوامل نفسها، بل يمكن إضافة عامل "جندري"، هو أن في ارتداء الرجل لهذا اللباس اقتراب من منطقة أزياء المرأة.. ما علينا.
لا أستطيع – ربما لعامل السن – أن أتفهم لماذا يحشر الإنسان نفسه في لباس يبدو معه كأنه لون جسده دون أن يستره؟ ويجعله لا يستطيع المشي والجلوس وممارسة العمل بأريحية، وكأنه يرتدي "سكاكين" وليس "سكيني"، فالأساس في الكساء أن يستر ثم يريح ثم يجمل المرء، ولا أجد أي من ذلك في هذا النوع، لكنني أجد كثيرا من الناس يقدمون أنفسهم ضحية سهلة لمقاصل الاستهلاك والتقليد الأعمى.. وربما الغبي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي