القيلولة والاقتصاد
القيلولة أو المقيل عند العرب هي الاستراحة منتصف النهار وقد ورد الحث عليها في السنة النبوية... ويرى كثير من العلماء أن القيلولة تأتي تلبية لحاجة فسيولوجية كجزء من إيقاع الحياة اليومي، بل يلاحظ أن معظم الحيوانات تلجأ إلى القيلولة وتوقف نشاطها في منتصف النهار...وتقسم القيلولة إلى ثلاثة أنواع، فمنها الطويلة وهي التي تتجاوز الـ30 دقيقة ومنها المعتدلة وهي ما بين 5 و 30 دقيقة ومنها القصيرة أو الغفوة كما يحلو للبعض أن يسميها التي لا تتجاوز عادة خمس دقائق.. ويرى الباحثون أن أفضل وقت للقيلولة هو ما بين الساعتين الواحدة والثالثة بعد الزوال، وهي الفترة التي ينخفض فيها النشاط الفكري والجسمي للإنسان.. فأخذ مثل هذه «التعسيلة» -إن صح التعبير- تؤكد الدراسات أنه يجدد الطاقات الفكرية والجسدية للعاملين ويمتص التعب ويعيد الحيوية والنشاط للذهن والجسم.. وقد أدركت كثير من المجتمعات أهمية القيلولة، فالصينيون يسمونها -ووكسيو- أي استراحة الزوال.. كما أن وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أصدرت قرارا يسمح للعاملين فيها بالنوم بعد الظهر لمدة لا تزيد على 45 دقيقة، مشيرة إلى أن ذلك زاد من كفاءة عملهم 35 في المائة.. وقد حذت حذوها عدة شركات أمريكية حتى إن بعضها قد خصص غرفا خاصة بالقيلولة مستندين في ذلك إلى ما نشرته مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية عن أهمية القيلولة.. كما ألفت إحدى الباحثات من جامعة كاليفورنيا كتابا أسمته "خذ غفوة تغير حياتك"... وفي اليابان حيث العمل المفرط بدأت الشركات تشجع موظفيها على نوم ساعة الغداء أو ما يعرف باليابانية -هيروني- ومن ذلك مجموعة جي إم أو، التي خصصت غرفة كبيرة تنبعث منها رائحة البنفسج خلال فترة الهيروني لتشجع العاملين على القيلولة... وقد وجد الباحثون أيضا أن القيلولة تقوي الذاكرة بشكل عام وتزيد قدرة الإدراك والمهارات الحركية وتحسن وظائف الدماغ بل وجد أنها تقلل الإصابة بالأمراض القلبية.. وقد نشرت دراسة علمية في إحدى أشهر المجلات الطبية الأمريكية مفادها - لاتترددوا في أخذ القيلولة إذا سنحت لكم الفرصة-.. وعموما فإن قلة النوم تسبب مشكلات صحية واقتصادية، فقد أظهرت دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي أن المشكلات الصحية المرتبطة بقلة النوم تكلف اقتصادات العالم فاتورة ضخمة تصل في الولايات المتحدة وحدها إلى نحو 411 مليار دولار، ولذا فإن أخذ القيلولة بجانب أهميته للأفراد، فإنه يحسن كثيرا من اقتصاديات الدول من خلال زيادة إنتاج العاملين والموظفين ورفع كفاءتهم المهنية.