رد الجميل بالأعضاء

ليس سهلا أن تتخلى عن جزء من جسدك سواء كنت حيا أو ميتا، ويحتاج الأمر إلى تفكير عميق وقرار صارم لا رجعة فيه، فالتبرع بالأعضاء حياة لآخرين على حافة الموت هدتهم المعاناة وأعياهم المرض، فإذا كان بإمكانك مساعدتهم هل تتردد؟!
مثل أغلب الدول في العالم ما زالت ثقافة التبرع بالأعضاء غير منتشرة في ألمانيا، فوفقا للأرقام الرسمية الموجودة على الموقع الرسمي الإحصائي الألماني بلغ عدد المتبرعين بأعضائهم بعد وفاتهم 955 متبرعا عام 2018، بينما يوجد نحو 9500 شخص على قائمة الانتظار للحصول على متبرع لهم من أجل إتمام عملية نقل العضو، توفي منهم 901 شخص نتيجة شح المتبرعين وعدم وجود جهة داعمة للتبرع!
في حين تمتلك إسبانيا أكبر عدد من المتبرعين بأعضائهم بعد الوفاة أوروبيا بحسب الموقع الإحصائي. هذه الأرقام تظهر الأهمية الكبيرة للمبادرة التي بدأت تنتشر بين اللاجئين في ألمانيا، وتهدف إلى تعزيز الدوافع الإنسانية وإنقاذ المرضى على قائمة الانتظار الطويلة، ومحاولة لشكر الدولة التي استضافتهم في رحلة لجوئهم وذلك بالتبرع بأعضائهم بعد الوفاة!
وتشمل عمليات زراعة الأعضاء، الكلى، القلب، الكبد، البنكرياس، الأمعاء، الرئتين، نخاع العظام، الجلد، والقرنيات. كما يمكن التبرع ببعض الأعضاء والأنسجة من قبل المتبرعين الأحياء، مثل الكلى أو جزء من: الكبد أو البنكرياس أو الرئتين أو الأمعاء، لكن معظم التبرعات تحدث بعد وفاة المتبرع.
تقول إحدى اللاجئات في ألمانيا تبلغ من العمر 36 عاما وأم لطفل، إنها بادرت للتبرع بالأعضاء بعد أن تملكها إحساس أنها قد تستطيع أن تنقذ حياة إنسان أو أكثر بعد وفاتها وحبا في عمل الخير، وأيضا كنوع من العرفان للدولة التي استقبلتها ومنحتها الحماية.
وتوضح، "حين قمت بالتوقيع على الأوراق لم يكن يهمني من سيحصل على هذه الأعضاء، إن كان لاجئا أو ألمانيا، طفلا أو امرأة، أردت فقط أن أسهم في تقديم فرصة حياة للآخرين مهما كان لونهم أودينهم أوجنسهم".
وتعترف أنها واجهت بعض الصعوبات في إقناع عديد من الأصدقاء فيما قامت به، فعدد من اللاجئين واجهوا الأمر إما بالرفض وإما بعدم الاهتمام ويعدونه انتهاكا لأجسادهم!
وتقول أخرى هذه الفكرة تشعرني في الخوف. الموت بحد ذاته مرعب، فكيف بفكرة التبرع بالأعضاء. وتضيف أنها صدمت بعد قدومها إلى ألمانيا ومحاولة إقناعها بهذه المبادرة، حيث تعد أن هذا انتهاك لحريتها ولجسدها!
هذا الرفض لم يثن كثيرين عن المبادرة للتبرع خصوصا بعد الوفاة لرد الجميل ولمنح آخرين فرصة الحياة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي