مأمونية الدواء العشبي

استخدم الإنسان الأعشاب علاجا لعديد من الأمراض منذ الأزل، وما زالت تستخدم بكثرة في عدد من مناطق العالم، وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 80 في المائة من سكان الأرض يتعالجون بالطب الشعبي، الذي تشكل الأعشاب الطبية ركنه الأساس. المشكلة الرئيسة تكمن في أن كثيرا من مستخدمي الأعشاب يعتقدون أنها غير ضارة على الإطلاق مستندين في ذلك إلى أنهم يرونها طبيعية، وأنها إن لم تنفع فإنها لا تضر وهذا اعتقاد خاطئ بكل المقاييس، فبعضها ليس ساما فحسب بل شديد السمية، وكم من الوفيات حصلت بسبب هذا الاعتقاد. نعم هناك عدد كبير من الأعشاب الطبية النافعة بل إن كثيرا من الأدوية الحديثة المصنعة يعزى اكتشافها إلى الأعشاب بحيث يفصل منها المكون الفعال ثم يجعل في صيغة دوائية، لكن هذا لا يعني أنها كلها آمنة أو أنها لا تتعارض مع بعضها بعضا أو مع الأدوية الحديثة بل حتى مع الغذاء أحيانا. ويلاحظ أن عدم إدراج مقررات دراسية في مناهج كليات الطب كان ولا يزال عائقا أمام الطبيب لمعرفة طبيعة الأدوية العشبية وطريقة تأثيرها. لك أن تتصور أيها القارئ أن هيئة الغذاء والدواء السعودية قد صرحت لما يزيد على 1750 مستحضرا عشبيا ولذا كان لزاما أن يكون لدى الأطباء خاصة وجميع العاملين في قطاع الدواء إلماما تاما بها لتحقيق الاستفادة القصوى منها، ولتجنب ما قد ينتج من أضرار عند سوء استخدامها. وتعد الخلطات العشبية المجهولة مصدر خطورة بالغة، إذ لطالما كانت سببا في وفاة عديد من المرضى، بل إنه مما زاد الطين بلة أن كثيرا من الناس أخذوا يطلبون الأدوية العشبية عن طريق الإنترنت والتوصيل السريع متأثرين بما تبثه بعض الفضائيات من فوائد سحرية لهذه الأدوية، وبالطبع فإن هم تلك المحطات الأول والأخير هو الربح المادي ضاربة بالمبادئ الأخلاقية عرض الحائط، علما أن بعض تلك الأدوية غير صالح أساسا للاستهلاك الآدمي أو أنها مغشوشة بأدوية مصنعة. وأؤكد أخيرا أنه من الواجب المتحتم ألا يتناول الإنسان أي دواء عشبي سواء كان على صورته الخام أو خلطة عشبية أو كان مجهزا على شكل صيغة دوائية إلا أن يكون مصرحا من الجهات المختصة وأن يكون تحت إشراف طبي مباشر فالصحة غالية ولا مجال للمغامرة فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي