رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ميزانية الكفاءة والاستدامة

عندما أعلنت رؤية المملكة 2030 تضمنت مفاهيم ومصطلحات لم يكن من السهل تطبيقها في وقت وجيز. ولكن برؤية طموحة، وهمة عالية سارت الرؤية في سبيل تحقيق أهدافها، وعام بعد عام نلمس مكتسبات هذا العمل، واليوم مع إعلان مجلس الوزراء الموازنة التقديرية لعام 2020 نرى لمسات هذا التخطيط والحوكمة قد أتت ثمارها، وستحقق مزيدا من التقدم في سبيل تحقيق كفاءة الإنفاق وتحسين جودة المخرجات بشفافية وفاعلية.
تكمل المملكة مسيرتها باهتمام ورعاية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتحقق أهداف رؤية المملكة 2030، من خلال الاستمرار في ضخ المشاريع ذات الأثر على الخدمات الأساسية للمواطنين، وتعزيز الاهتمام بالرعاية الاجتماعية، وتحسين مستوى الخدمات الحكومية المقدمة، ورفع مستوى جودة الحياة، ودعم برامج الإسكان، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من أجل تعزيز دور الاقتصاد غير النفطي، لتحقيق الاستدامة المالية والاجتماعية المنشودة.
يبلغ الإنفاق الفعلي لعام 2019 (1,048) تريليون ريال، وإجمالي إيرادات فعلية نحو (917) مليار ريال، وعجز عند 131 مليار ريال (4.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي). كما يقدر أن يبلغ الإنفاق لعام 2020 مبلغ (1,020) تريليون ريال، وإجمالي إيرادات مقدرة بنحو (833) مليار ريال، وعجز متوقع عند مستوى 187 مليار ريال بنسبة 6.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. حيث تضمن أداء القطاعات من ميزانية لعام 2019 سيطرة قطاع التعليم بقيمة 193 مليار ريال، ونسبة 17 في المائة، يليه قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية 172 مليار ريال، بنسبة 15 في المائة.
تستمر الرؤية الطموحة للدولة حيال استمرار المشاريع الرأسمالية، والمشاريع التطويرية لتشمل قطاعات الموازنة كافة من أجل استمرار الإنفاق على البرامج والمشاريع المهمة لتطوير وتحسين البنية الأساسية والارتقاء بمستوى الخدمات الأساسية للمواطنين والمستفيدين. حيث تشمل مشاريع قطاع التجهيزات الأساسية والنقل المستقبلية على مشاريع في نطاق الاتصالات، والإسكان والطرق والمواصلات والطيران بمخصصات تتجاوز 56 مليار ريال. كما يستمر الإنفاق بوتيرة إيجابية على قطاع التعليم من خلال استمرار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي يضم أكثر من 82 ألف طالب وطالبة مع مرافقيهم، واستكمال البنى التحتية لمؤسسات التعليم وخصص له 193 مليار ريال. كما يتضمن القطاع الصحي مشاريع مستقبلية لدعم افتتاح مقار ومدن رياضية، إضافة إلى الإنفاق على المجال الصحي بقيمة مقدرة تتجاوز 167 مليار ريال. كما يبرز ضمن القطاع العسكري التوجه حول إنشاء وتطوير جامعة الدفاع الوطني وخصص لهذا القطاع مبلغ 182 مليار ريال.
مسيرة تحقيق كفاءة الإنفاق ستستمر من أجل حوكمة المالية وترشيد القرارات، وتحقيق أعلى عائد على الإنفاق العام. وهذا يسهم في تحسين جودة الميزانية وكبح جماح الهدر المالي غير المبرر، كما أنها تسهم في تعزيز كفاءة المشاريع وتنوعها من أجل تحقيق توازن مستقبلي مبني على المنفعة. وعليه، ستواصل الدولة عمــلها لتحقيــق الأهداف الاســتراتيجية لتنويــع القاعــدة الاقتصادية وتعزيــز دور القطــاع الخــاص، من خلال الاستمرار في تنفيــذ المشــاريع الكبــرى، وبرامــج تحقيـق الرؤيـة، وتحقيق التقـدم فـي برنامـج التخصيـص، وتحفيـز القطـاع الخـاص للاسـتثمار فـي القطاعـات الواعـدة، مثـل: الصناعـة والتعديـن والقطـاع المالـي والخدمـات الماليـة وقطـاع التقنيــة والاتصــالات والســياحة والترفيــه والرياضــة. وتهــدف موازنة عــام 2020 إلى التركيــز في المدى المتوسط على أولويــات الإنفــاق بمــا يسهم في الاســتمرار لتقديــم الخدمــات الرئيســة وتطويرهــا وتمكيــن القطـاع الخـاص، ومواصلـة تنفيـذ المشـاريع الكبـرى وبرامـج تحقيـق الرؤيـة ومشـاريعها، وبرامــج شــبكة الحمايــة الاجتماعيــة، مــع المراجعــة المســتمرة للجــداول الزمنيــة لهــذه المشــاريع والبرامــج لزيــادة فاعليتهــا وتحقيقهــا أهدافهــا الاجتماعيــة والاقتصاديــة، واسـتمرار العمـل لتنفيـذ إصلاحـات إدارة الماليـة العامـة من أجل رفـع كفـاءة الإنفـاق لضمـان تحقيــق العوائــد الاقتصاديــة والاجتماعيــة المأمولة.
وعلى الرغم مما يعانيه العالم من حولنا من مخاطر تتطور على المستويين الأمني والاقتصادي، إلا أن المملكة تسير وفق ما خططت له من أجل تحقيق الرفاهية للمواطن، وتحقيق الاستدامة المالية والخروج من عباءة الاعتماد على مصادر النفط كمورد مالي استراتيجي. كما أن المملكة تقع ضمن نطاق الدول التي تؤثر وتتأثر بالعوامل الاقتصادية والجيوسياسية المحيطة، وهذا الأمر يدعو إلى مزيد من التحوط وأخذ الحيطة والحذر عند وضع الخطط المالية المستقبلية من أجل تجاوز الأزمات التي قد يمر بها العالم من حولنا. وهذا ما يؤكده بيان وزارة المالية الذي ينص على "تأتـي ميزانيـة عـام 2020م فـي ظـل تحديـات تواجـه الاقتصاد العالمـي والأسواق الدوليــة، حيــث تلقــي النزاعــات التجاريــة بظلالها علــى آفــاق الاقتصاد العالمــي، بالتأثيــر سـلبا علــى التجــارة الدوليــة وتدفــق الاستثمارات واســتقرار الأسواق العالميـة. وتفـرض تلــك التحديــات اتبــاع سياســات تحوطيــة، وبــذل جهــود حثيثــة لتعزيــز الانضباط المالــي، ومواصلـة تنفيـذ الإصلاحات الاقتصادية لزيــادة صلابة الاقتصاد وقدرتــه علــى تحمــل الصدمــات الخارجيــة. ومما يبعث على التفاؤل ما تتميز به السياسـة المالية في المملكة مـن مرونـة تمكنهـا مـن الاستجابة للتحولات والتطـورات المحليـة والعالميـة، حيـث تتـم مراجعــة الأولويات وتحديثهــا بشــكل مســتمر، وتعديــل المســار كلمــا دعــت الحاجــة إلــى ذلـك". كما يواجه العالم تحديات تتمثل في تباطؤ الاقتصاد العالمي متأثرا بالنزاعات التجارية بين الدول ما يؤثر في النظرة المستقبلية لتوقعات النمو الاقتصادي العالمي الذي يؤثر في طلب النفط والتجارة. كما أن أسعار النفط تواجه تقلبات وتحديات كبرى، حيث عانت السوق النفطية خلال عام 2019 تذبذب الأسعار وعدم التزام بعض الدول ضمن اتفاقات "أوبك"، وتتحمل المملكة دورا محوريا في ضمان استقرار أسعار الطاقة واستمرار الإمدادات النفطية على الرغم من التحولات الأمنية في منطقة الخليج والتأثير على صناعة النفط ونقلها لدول العالم. أما على الصعيد الداخلي، فيمثل تحقيق معدلات نمو الناتج المحلي غير النفطي أحد أهم التحديات التي يجب أن نسعى جميعا من أجل تحسينها لإضافة مصادر أكثر أمنا للمالية العامة وتحقيق الاستدامة المالية. ومن ذلك زيـادة اسـتثمارات القطـاع الخـاص المحلـي والأجنبي فـي القطـاع غيـر النفطـي، حيـث حققت الحكومـة نتائج إيجابية كبيرة في نشاط ممارسـة أنشـطة الأعمال، كما جاء في تقرير البنـك الدولــي لعام 2020 حيث تحسن ترتيب المملكة على المؤشر بــ 30 مرتبــة لتصــل إلــى المرتبــة الـ62 مــن بيــن 190 دولــة، وذلــك مقابــل المرتبــة الـ92 فــي العــام الســابق. وجــاءت المملكــة فــي المرتبــة الأولى ضمــن قائمــة أفضــل عشــر دول مــن حيـث التحسـن فـي سـهولة ممارسـة الأعمال لهـذا العـام. كما تحســن ترتيــب المملكــة بثلاثــة مراكــز إلــى المرتبــة الـ36 فــي تقرير التنافسية العالمــي الــذي يصــدره المنتــدى الاقتصادي العالمــي، وهذا يأتي ضمن مجموعة الإصلاحات التي نفذتها الدولة علــى المــدى المتوســط لتســهيل منــاخ الأعمــال والفــرص الاستثمارية أمــام القطــاع الخــاص، إضافة إلــى النتائــج المتوقعة للانتهاء مـن تنفيـذ بعـض برامـج تحقيـق الرؤيـة والمشـاريع الكبـرى، والاستمرار فـي تنفيـذ خطـط تنميـة الصناعـة المحليـة والصـادرات غيـر النفطيـة، ممـا سيكـون له دور فاعـل فـي ارتفـاع مسـاهمة القطـاع الخـاص فـي النمـو والتوظيـف، وتحسين مشـاركة المـرأة فـي سـوق العمـل ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم القطاعات الصناعية ودعم تنمية الصادرات، ودعم المشاريع السياحية والترفيهية. نبارك لوطننا هذه القيادة الرائدة والرشيدة، ونتطلع لتحقيق جميع مستهدفات رؤية المملكة 2030 من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والرفاهية لمجتمعنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي