قراءة في ميزانية 2020
ملخص قراءة بيان ميزانية 2020
1. رابع ميزانية وفق "الرؤية" وبرنامج التحول، وهدفها الأول نمو اقتصادي مستدام، مع التركيز على القطاعات غير النفطية. وتبعا أعطي مزيد اهتمام لتنمية الموارد البشرية والصناعة، والبنى التحتية، والطاقة المتجددة، والإنفاق الرأسمالي، ودعم الصناديق التنموية، ودعم القطاع الخاص، خاصة أنشطته ذات المردود الأعلى على الاقتصاد والأفراد.
2. تأتي الميزانية في ظل تحديات اقتصادية دولية. والجهود قائمة بقوة لتقليل تأثر الاقتصاد السعودي بتلك التحديات.
3. نما الناتج المحلي غير النفطي الخاص نحو 3 في المائة في العام الجاري 2019.
4. عجز متوقع بحدود 187 مليار ريال. أما هدف توازن الميزانية أي بدون عجز أو الاقتراب منه فصعب في المستقبل القريب، نظرا لتأثيره السلبي في نمو الاقتصاد. ولكن يمكن أن نقترب من التوازن كأن يوضع سقف للعجز مثلا لا يزيد على 10 في المائة من إيرادات عام 2023، وممكن أن تخفض النسبة بالتدريج و/أو تربط بالناتج المحلي مع مرور السنين.
5. متوقع انخفاض بسيط في مجموع الإيرادات العام المقبل، ثم ترتفع تدريجيا بعد ذلك على المدى المتوسط.
6. لا يتوقع تحقيق ارتفاع ملحوظ في نسبة الإيرادات غير النفطية، الذي بدأ منذ العام الماضي 2018، بسبب قرارات حكومية أعفت أو خففت كثيرا من الرسوم.
7. زيادة نسبة الإيرادات غير النفطية بعضها لنمو في الناتج غير النفطي، وبعضها ليس بالضرورة نتيجة نمو هذا الناتج.
8. ميزانية 2020 هي رابع ميزانية تعد وفقا لدليل إحصاءات مالية الحكومة GFSM 2001 والمحدث في 2014. وهو نظام من إعداد صندوق النقد الدولي قبل نحو 20 عاما مستعينا بخبرات دول متطورة.
9. تطرق بيان الميزانية إلى إجراءات وبرامج كثيرة، منها الخصخصة وإصلاح وتطوير أداء الحكومة وطرق لتخفيف أو تمويل عجز الميزانية. وأعطى وزير المالية صلاحيات حول هذه الأمور.
10. هناك حاجة إلى إصدار نظام للميزانية يجمع تنظيمات متفرقة وزيادة بصورة أكثر تكاملا.
11. التطورات تعني أن هناك حاجة لرفع مستوى القدرات الوطنية المهنية في مجال المالية العامة. كيف؟ موضوع يطرح للنقاش.
تفاصيل
هذه رابع ميزانية تحت "رؤية 2030" وبرامجها التحولية لتطوير الاقتصاد، وتقليل اعتماده على النفط، وتعزيز الشفافية والإفصاح المالي.
ويتوقع تحقيق إيرادات في العام المقبل بنحو 830 مليار ريال، وهو رقم يقل قليلا عن إيرادات هذا العام المقدرة بنحو 920 مليار ريال. ويقدر أن يقل هذا الرقم 920 بنحو 50 مليار ريال عن المتوقع وقت اعتماد الميزانية البالغ نحو 970 مليار ريال، منها نحو ربعها من الضرائب. ولكن الإيرادات غير النفطية شهدت نموا أكثر من المتوقع المعتمد بداية عام 2019. وكذلك النفقات فقد شهدت انخفاضا هذا العام لتصل تقديرا إلى نحو 1050 مليار ريال هذا العام، مقارنة بالنفقات المعتمدة للعام الجاري، التي بلغت توقعا نحو 1100 مليار.
ويقدر أن يبلغ العجز نحو 130 مليار ريال للعام الجاري 2019. وهو أقل مما سجل في العام السابق 2018 البالغ نحو 170 مليار ريال. وكان للسياسة المالية دور فعال في هذا الخفض.
أما فيما يخص العام المقبل والمدى المتوسط، فقد حتمت أوضاع الاقتصاد العالمي، التي من آثارها تباطؤ متوقع في الطلب العالمي، فقد حتم على مراجعة لتقديرات الميزانية بجانبيها الإيراد والإنفاق على المدى المتوسط.
متوقع تحقيق إيرادات العام المقبل في حدود 830 مليار ريال. منها نحو 500 مليار إيرادات نفطية، والباقي نحو 40 في المائة إيرادات غير نفطية. ونصفها أي غير النفطية من الضرائب. وللمقارنة بالعام الحالي، تقل كل إيرادات العام المقبل المتوقعة عن إيرادات العام الجاري بنحو 100 مليار ريال. ومن أسباب هذا الانخفاض المتوقع إعفاء أو خفض كثير من الرسوم على نسبة كبيرة من منشآت القطاع الخاص، خاصة الصغيرة. لكن من المتوقع أن تشهد الإيرادات زيادات في الأعوام التالية على المدى المتوسط.
أما فيما يخص جانب النفقات، فمعلوم أنه قد تم تنفيذ عديد من الإصلاحات في المالية العامة، بهدف رفع كفاءة الإنفاق العام. وأنشئ لهذا الغرض مركز كفاءة الإنفاق.
متوقع أن تبلغ نفقات العام المقبل نحو 1020 مليار ريال. بما يقل نحو 3 في المائة عن 2019. ويشكل الإنفاق التشغيلي نحو 850 مليارا، أي نحو 80 في المائة من كل الإنفاق. والباقي نحو 170 مليار ريال إنفاقا رأسماليا. ونحو 500 مليار من الإنفاق التشغيلي لتعويضات العاملين. وخصص للصحة والتنمية الاجتماعية نحو 170 مليارا والتعليم نحو 200 مليار، والأمن نحو 100 مليار والتجهيزات الأساسية وخدمات البلديات نحو 130 مليار ريال. ومستبعد حدوث تضخم معتبر، حيث يتوقع ألا يتجاوز معدله 3 في المائة.
العجز المتوقع للعام المقبل نحو 180 مليار ريال. ويشكل الدين العام نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة منخفضة، لا تعد مصدر قلق.
عوامل وتوضيحات وأهداف
اهتم بيان الميزانية بتوضيح العوامل المؤثرة على تقديرات الميزانية بجوانبها الإيرادات والنفقات والعجز. أهم هذه العوامل أداء سوق النفط وتطورات الاقتصاد العالمي وتطبيق برامج التصحيح الاقتصادي. ومن المهم أن يعرف أن لكل سياسة وفي كل اقتصاد آثار مرغوب فيها، وآثار غير مرغوب فيها. ومن ثم فالنظر إلى الحصيلة الصافية.
تطرق البيان إلى عمليات الترشيد ومحاربة الفساد، التي أسهمت بذاتها في زيادة إيرادات الدولة غير النفطية. وزادت من قناعة الناس في تفهمهم للحاجة إلى تنمية الإيرادات غير النفطية وتخفيف الإدمان النفطي.
في إطار الدفع نحو تحسين نمو الاقتصاد، أوضح بيان وزارة المالية أنه يجري الاستمرار في استهداف تنويع الاقتصاد والصناعة والمنتج الوطني، وتمكين القطاع الخاص وتقوية استدامة المالية العامة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
جاء في بيان الميزانية، هدف تخفيض العجز بصورة تدريجية خلال الأعوام القليلة المقبلة للوصول إلى ميزانية متوازنة، أي خالية من العجز تقريبا، بحلول عام 2023. وصعب تحقيق هذا الهدف دون تأثير غير مرغوب فيه على نمو الاقتصاد. ولكن يمكن أن نقترب من التوازن كأن يكون سقف العجز السنوي دون سقف 10 في المائة من الإيرادات.
في إطار تحسين معيشة الناس، صدر أمر ملكي بالاستمرار في صرف بدل غلاء المعيشة لعام مالي واحد.
منهجية إعداد الميزانية
من المهم الإشارة إلى أن ميزانية 2020 أعدت وفق المنهجية الجديدة، التي تم إطلاقها لإعداد الميزانية في 2018. كما تضمنت معالجة محاسبية جديدة بتسجيل الإيرادات المباشرة كافة، التي كان تحصلها جهات حكومية معينة. كما تم تضمين مبالغ النفقات المقابلة لها. ومن الأمثلة وزارة الإسكان في موضوع رسوم الأراضي. ومن الأمثلة أيضا الجامعات وأمانات المناطق. والهدف زيادة قوة الإفصاح المالي. وأشير إلى أنه تم إنشاء مركز تحقيق كفاءة الإنفاق قبل أكثر من عام. ومن أعماله تحليل ميزانيات الجهات الحكومية ونفقاتها.
في إطار الإصلاحات السابقة، جرى إعداد الميزانية وفقا لإحصاءات المالية الحكومية Government Finance Statistics (GFS) 2001 و2014 المعروفة اختصارا لدى أهل الاختصاص بـ GFSM 2001 وGFSM 2014. وميزانية 2019 هي ثالث ميزانية تعد وفقا لدليل إحصاءات مالية الحكومة GFSM 2001 والمحدث في 2014، وهو نظام إحصائي تنظيمي تصنيفي متطور من إعداد صندوق النقد الدولي قبل نحو 20 عاما مستعينا بخبرات دول متطورة في إعداد ميزانياتها العامة.
نقاط إضافية
مقترحات
أولا: إصدار نظام شامل للميزانية.
ثانيا: رفع مهارات وقدرات موظفي المالية العامة.
ثالثا: عمل مزيد في الجهود المبذولة حاليا في توزيع المخصصات المالية لتحقيق تنمية أعلى للمحافظات.
الميزانية ودليل إحصاءات مالية الحكومة GFSM
كانت ميزانية الدولة تصنف وتعتمد مخصصاتها وفق تصنيفين:
الأول إداري أي أجهزة حكومية وفروعها وأقسامها.
الثاني اقتصادي، الذي اشتهر بأبوابه الأربعة: الأول للرواتب والثاني لتحويلات وتعويضات غير الرواتب، والثالث للتشغيل والصيانة والرابع للمشاريع. هذا التصنيف قاصر، به من العيوب ما به. وقد توقف العمل به مع ميزانية 2015 حسب بيان وزارة المالية. وجرى تطبيق دليل إحصاءات مالية الحكومة 2001 ونسخته المحدثة 2014 بدلا من القديم الذي عشنا معه عقودا من الزمن.
ما قصة دليلي 2001 و2014؟
قامت إدارة الإحصاء في صندوق النقد الدولي عام 2001 بإطلاق نظام إحصائي تحت اسم "دليل إحصاءات مالية الحكومة 2001" The Government Finance Statistics Manual 2001 (GFSM)، وفي الحقيقة نتج هذا الدليل من جهود بذلها عدد كبير من المتخصصين في دول ومنظمات وأقسام أكاديمية مختلفة.
جرى تحديث وتطوير دليل 2001 بما يعرف بدليل إحصاءات مالية الحكومة 2014، لمواكبة أبعاد سلسلة من التطورات والمشكلات في المالية العامة ومعايير المحاسبة الحكومية ونظام الحسابات الوطنية (2008 SNA) خلال الأعوام التالية لعام 2001.
دليل 2001 عبارة عن إطار معالجة إحصائية statistical reporting framework، لإعطاء أساس متين للتحليل المالي الحكومي fiscal analysis. وهذا الدليل يعد تحديثا واسع النطاق للدليل السابق الصادر من الصندوق عام 1986. التسجيل والتحليل في دليل 1986 مبني على نظام التدفق النقدي المحاسبي.
الطريقة السابقة تبين أنها غير فعالة في إعطاء معلومات على رسوخ واستمرارية السياسات المالية على المدى البعيد. على سبيل المثال تتجاهل جزءا كبيرا من أعباء مستقبلية على الحكومة. كما أنها تتجاهل كل الصفقات العينية، بما يتسبب في إعطاء أرقام مضللة لقيمة الأنشطة الاقتصادية للحكومة.
هذه التطورات أدت إلى تطوير دليل 2001. ويطمح "الصندوق" إلى أن يكون هذا الدليل بمنزلة مرجع موحد لكل الأعضاء، ما يسهل على "الصندوق" الحصول على بيانات إحصائية متوافقة، تساعده عند إجراء دراسات أو مناقشات، خاصة مناقشات المادة الرابعة.
يساعد دليل 2001 والنسخة المحدثة منه 2014 الدول على زيادة قدراتها في تقييم سياسات المالية العامة، ومراقبة تطوراتها، كما أنه يعزز قياس الادخار والاستثمار والاستهلاك الحكومي بطريقة تفوق ما جاء في دليل 1986، ما يساعد على صياغة سياسات الاقتصاد الكلي بصورة أفضل. يحتوي إطار دليل 2001 التحليلي على جداول تماثل القوائم المالية للشركات.
التصنيفات التي تم تبنيها في ميزانيات 2016 فصاعدا:
هناك ثلاثة تصنيفات في التصنيف الجديد للميزانية: الأول إداري مشابه للقديم.
الثاني اقتصادي يتكون من ثلاثة أقسام رئيسة:
1 - مصروفات موزعة على ثمانية أبواب: 1- تعويضات العاملين 2- السلع والخدمات 3- استهلاك رأس المال الثابت 4- نفقات التمويل 5- الإعانات 6- المنح 7- المنافع الاجتماعية 8- مصروفات أخرى.
2 - معاملات على الأصول غير المالية
3 - المعاملات على الأصول المالية والخصوم.
الثالث تصنيف وظيفي، ويصنف الوظائف والأهداف الاجتماعية والاقتصادية، التي تسعى الأجهزة الحكومية إلى تحقيقها من خلال الإنفاق العام. ويتكون التصنيف الوظيفي من عشرة تصنيفات أساسية: خدمات عامة ودفاع ونظام عام وشؤون اقتصادية وحماية البيئة والإسكان ومعه المرافق والصحة والترفيه والتعليم والحماية الاجتماعية. ويستند هذا التصنيف إلى المستفيد من الإنفاق وليس النفقة نفسها. مثلا تأمين سيارة لنقل الموظف أصبحت تصنف ضمن تعويضات العاملين، بينما كانت في السابق لا تصنف تحت الباب الأول.
طبعا التصنيف الجديد أكثر شمولا ودقة وتعقيدا، ومن ثم يتطلب فهما أعمق مقارنة بتصنيف الأبواب الأربعة القديم.