رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الابتكار الاجتماعي

الإبداع والابتكار والبحث العلمي مصطلحات معروفة ومتداولة لا يتسع المجال لتناولها جميعا، ولكن الابتكار هو التفكير خارج الصندوق وبعيدا عن المألوف للتوصل إلى حلول جديدة لمشكلات أو تحديات قائمة. ولجأ كثير من الدول إلى الابتكار الموجه لتحقيق أهداف محددة ومواجهة تحديات كبيرة في حاجة ملحة إلى حلول سريعة وناجعة. ومن خلال اطلاعي على تقرير "الابتكار والتكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة" الصادر عن الاسكوا التابعة للأمم المتحدة، استوقفني مصطلح "الابتكار الاجتماعي" Social Innovation الذي ظهر نتيجة التركيز المفرط على البعد الاقتصادي للتقنية في ممارسة الابتكار المرتبط بالطابع الصناعي الربحي في معظم سياسات الابتكار. ويعرف "الابتكار الاجتماعي" بأنه عملية تطوير وتطبيق حلول فاعلة للتحديات الاجتماعية والبيئة من أجل دعم التقدم الاجتماعي، أي تلك الحلول، التي تلبي الاحتياجات الاجتماعية وتؤدي إلى تحسين القدرات والعلاقات واستخدام الموارد بفاعلية بما هو في أفضل مما هو قائم. ببساطة شديدة، فإن "الابتكار الاجتماعي" هو الأفكار الجديدة، التي تعمل New Ideas that work. ويهدف "الابتكار الاجتماعي" إلى إيجاد حلول للتحديات الاجتماعية الملحة، ومن ثم تحسين رفاهية الإنسان، وتشمل التهميش الاجتماعي، وبيئات العمل، وبطالة الشباب، والتغير المناخي، والصحة، والتعليم، وتمكين الإنسان للخروج من دائرة الفقر مثل مبادرة بنك الفقراء في بنجلادش وغيرها. ولا شك أن التقنية الرقمية تعد أساسية في دعم "الابتكار الاجتماعي" وإزالة الحواجز المتعلقة بالاتصال والتوعية والانتشار، وكذلك تعزيز الاستفادة من البيانات الضخمة Big Data لفهم الاحتياجات المجتمعية.
ولا تزال المجتمعات عموما والعربية خصوصا تواجه تحديات ذات طبيعة اجتماعية تتطلب حلولا ابتكارية، مثل شيخوخة السكان، أي ارتفاع نسب كبار السن نتيجة انخفاض معدلات الخصوبة من جهة، وتحسن الصحة من جهة أخرى، ما يؤدي إلى ارتفاع العمر المتوقع عند الميلاد (طول عمر الإنسان). وهذا يقود إلى تحديات كبيرة حول معاشات التقاعد، والرعاية الصحية والاجتماعية، وطرق تصميم المساكن، وكذلك تخطيط البيئة الحضرية بمكوناتها المختلفة مثل النقل والترفيه ونحوهما. ومن التحديات أيضا عدم المساواة بين الفئات السكانية، وكذلك تزايد الإصابة ببعض الأمراض مثل أمراض المفاصل، والاكتئاب، والسكري، والسرطان، وأمراض القلب، ما يتطلب حلولا اجتماعية وطبية جديدة. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل هناك تحديات أخرى تتعلق بسلوكيات الثراء مثل السمنة وقلة الحركة، وكذلك الإدمان على الكحول والمخدرات ونحوهما. ولا يقل عن ذلك أهمية سعادة السكان Happiness، إذ لوحظ عدم انعكاس النمو الاقتصادي على رفاهية السكان، ما يتطلب ابتكار محفزات للسعادة.
ختاما، لم يحظ الابتكار الاجتماعي باهتمام كبير، بل ترك للمحاولات غير المنهجية، ما يتطلب توسيع استراتيجيات الابتكار بحيث لا تركز على العلوم والتقنية فقط، بل تشمل التحديات الاجتماعية على مستوى الخدمات والتنظيمات الاجتماعية لإيجاد حلول إبداعية مبتكرة للمشكلات التي تواجه المجتمعات عموما والعربية خصوصا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي