الضيافة أين؟
تحدى زميل متابعيه بطلبه تغيير مفاهيم معينة تسيطر اليوم على كثير من مكونات المجتمع السعودي. هذا المجتمع الذي ما فتئ يتغير بسرعات متفاوتة حسب الحال ونوعية التعامل التي نتحدث عنها. أغلب ما كنا نعرفه أصبح من الماضي الذي تصعب استعادته مع تعلق الأجيال الجديدة بمفاهيم معاكسة.
يمكن الحديث في المجال عن الملابس، وعادات النوم وأسلوب التعامل بين المكونات العمرية المختلفة , وأمور أخرى تدخل ضمن هذا التصنيف. المشكلة أن كثيرا مما بقي كان في حاجة إلى التغيير، لكنه لم يتغير.
الحاجة إلى تغيير أسلوب قضاء الوقت والحجم المستفاد منه مهمة، لكنها لم تتغير، ثم تأتي نقطة المقاومة الأكبر التي نعبر عنها في كثير من الأحيان بغضب وانتقاد، لكننا لا نفعل شيئا حيالها، بل إن أئمة المساجد والخطباء والكتاب يخصصون لها أجزاء مهمة من كلامهم ووعظهم وكتاباتهم ويبقى المجتمع "إذن من طين وإذن من عجين". حالة الاستهلاك غير المنطقي للمواد الغذائية وممارسة طرق لم تعد تناسب الحياة الجديدة ولم تكن تناسب الحياة القديمة في الولائم والأعراس وغيرها من المناسبات.
إن محاولة تغيير النمطية المتفشية في حياة الناس تواجه بمقاومة عجيبة. يتكلم الجميع بسلبية عن هذا الخطأ، لكنهم يقعون فيه. أكبر المؤثرات هو الرقابة المجتمعية التي يمارسها البعض، ومحاولات الظهور بما يخالف الواقع من قبل ممارسي هذه العادة "الإشكالية".
عرض صاحبي على متابعيه "وأنا منهم" أن يناقشوا فكرة دعوة الضيوف إلى المطاعم ويقدموا ما يرونه من إيجابيات وسلبيات للفكرة. بدأ هو بتقديم وجهة نظره، وكانت تصب في مصلحة الدعوة إلى المطاعم وهذا أمر متوقع، بل إنني أعتقد أن الجميع كانوا يجدون ميزة بسيطة في الدعوة إلى المنزل ومجموعة مميزات في الدعوة خارجه.
هنا نعيد النظر فيما نواجه من تحديات في التعامل الجديد، خصوصا مع تعقيد المجتمعات ومحاولات التقليد التي تؤدي إلى التحول إلى إشكالات أكبر لأي من الفكرتين، فالتغيير يجب أن يستهدف حفظ النعمة، والتعامل الاقتصادي المختلف مع التطور الجديد، حيث نبقي على ما توارثناه من تقدير الضيف وإظهار كرامته، لكن بطريقة لا تتجاوز حدود المعقول والمقبول وما يمكن أن يتحمله المضيف والخلوص من شرك المفاخرة و"الهياط".