بدأ الاستثمار في المنح الدراسية الخارجية يؤتي ثماره دعما لمستقبل المملكة
على مدى 18 عاما التي قضيتها في العمل في مجال الموارد البشرية، لم أشعر أبدا بمثل هذا الحماس الذي يغمرني اليوم، الذي أثاره بداخلي ذلك العدد الهائل من فرص العمل المتميزة المتاحة اليوم أمام الشباب السعودي. فهناك زيادة إيجابية في أعداد المتقدمين للوظائف من السعوديين لشغل مناصب رائدة في سوق العمل السعودية. لقد كشف لي هذا الاتجاه وبوضوح، أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي أثمر بالفعل.
إن الاستثمار في المواهب السعودية التي تدرس في الخارج يحظى اليوم بمزايا لا تخفى على أحد، وهي في مجملها أخبار سارة تتعلق بنماء بلادنا وازدهار مستقبل أجيالنا المقبلة. ويبدو واضحا أننا نشهد عودة إيجابية لطلاب الابتعاث من أرقى جامعات العالم.
يتوقع محللو السوق استمرار التصاعد في معدلات "السعودة" في الشركات الصغيرة والمتوسطة، بسبب عودة الكوادر السعودية من الخارج، وهذا من شأنه أن يوفر مزيدا من فرص العمل في القطاع الخاص للشباب السعودي من الجنسين.
ومن خلال السياسة الحكيمة والمتمثلة في التعليم من خلال ابتعاث عديد من الشباب للدراسة في الخارج، فإننا نوفر للآلاف من الطلاب السعوديين فرصة اكتساب الخبرة التي يحتاجون إليها للحصول على المناصب القيادية في سوق العمل في المملكة.
ونصيحتي لأي شاب يخطط للحصول على منحة دراسية أن يتزود أولا بمشورة متخصصة عن طبيعة الوظائف المرتبطة بالشهادة التي يرغب في الحصول عليها، قبل انخراطه في رحلة الدراسة خارج الوطن. كما أؤكد دائما لمبتعثي المستقبل أن بعض درجات الدكتوراه ليست بالضرورة جاذبة لأصحاب العمل مقارنة بدرجتي البكالوريوس والماجستير، وعليهم أن يهتموا قبل ذلك بنوع التخصص الذي يهم أصحاب العمل.
وأود هنا أن أشدد على أمر في غاية الأهمية، وهو أن يقوم الطالب المبتعث بعمل بحث دقيق للاتجاهات العملية الناشئة داخل قطاع الأعمال، وذلك قبل اختياره موضوع التخصص الدراسي في الخارج.
وتعد هذه الزيادة في عدد المتقدمين للعمل من السعوديين المؤهلين مؤشرا إلى أنه ستكون هناك أجيال من المستفيدين، كنتيجة مباشرة لـ"رؤية المملكة الطموحة لعام 2030".
لقد تم إطلاق منحة خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي منذ أكثر من عقد من الزمان، وهي منظومة محورية في مسيرة السعودية نحو التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، حيث يتم تخصيص 2.5 في المائة من ميزانية المملكة لدعم هذا الجانب، وهو في الحقيقة استثمار في شباب المملكة، وإنجاز غير مسبوق على مستوى العالم.
ومنذ إطلاق نظام الابتعاث الخارجي في عام 2005، ازداد عدد الطلاب المستفيدين من تلك المنح وبشكل ملحوظ متجاوزا مائتي ألف مبتعث، وتظهر الإحصاءات أن نحو ثلث الطلاب المبتعثين سيدخلون سوق الوظائف بمؤهلات في تخصصات العلوم والتكنولوجيا، ويتوقع لهؤلاء أن يكونوا من المساهمين الرئيسيين في نهضة مملكتنا مستقبلا.
وأود هنا أن أوضح أنني قبل التعاقد مع أي مرشح للوظيفة، أقوم أولا بالتعرف على مؤهلاته وقدراته القيادية التي تؤهله للمنافسة على الوظيفة. وكمختص في مجال الموارد البشرية، فإن الشيء الوحيد الذي يعترض حصول الطلاب السعوديين العائدين من الخارج على وظائف قيادية داخل المملكة، هو عدم توافر الخبرة المطلوبة التي توازي ما يملكونه من شهادات.
والأمر الجيد هو توافر مزيد من الفرص التي تتيح لهؤلاء الشباب اكتساب خبرات تساعدهم على شغل مناصب مهمة ضمن قطاع الأعمال، وتبدي الشركات هنا استعدادها المتنامي لاستيعاب الكوادر الوطنية.
إن نصيحتي لأولئك العائدين إلى الوطن الذين يتطلعون إلى مستقبل عملي ناجح تتمثل في ضرورة تركيزهم على الالتحاق بجهة توظيف تكون قادرة على تطوير قدراتهم وإكسابهم الخبرة العملية ضمن المحيط العملي المستهدف. وينبغي على كل خريج بذل أقصى جهوده ليصل إلى الغاية التي ينشدها، وسوق العمل لا تختلف عن غيرها في هذا الصدد.
نائب أول الرئيس التنفيذي للموارد البشرية ـ سدكو القابضة